المهملتين عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي (عن أبي صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة)﵁ أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(من كان يؤمن بالله) الذي خلقه إيمانًا كاملاً (واليوم الآخر) الذي إليه معاده وفيه مجازاته بعمله (فلا يؤذ جاره) فيه مع سابقه الأمر بحفظ الجار وإيصال الخير إليه وكف أسباب الضرر عنه. قال في بهجة النفوس: وإذا كان هذا في حق الجار مع الحائل بين الشخص وبينه فينبغي له أن يراعي حق الملكين الحافظين اللذين ليس بينه وبينهما جدار ولا حائل فلا يؤذيهما بإيقاع المخالفات في مرور الساعات، فقد جاء أنهما يسران بوقوع الحسنات ويحزنان بوقوع السيئات فينبغي مراعاة جانبهما وحفظ خواطرهما بالتكثير من عمل الطاعة والمواظبة على اجتناب المعصية فهما أولى برعاية الحق من كثير من الجيران (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه). قال الداودي فيما نقله عنه في المصابيح يعني يزيد في إكرامه على ما كان يفعل في عياله، وقال في الكواكب: الأمر بالإكرام يختلف بحسب المقامات فربما يكون فرض عين أو فرض كفاية وأقله أنه من باب مكارم الأخلاق (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا) ليغنم (أو ليصمت) بضم الميم وقد تكسر أي ليسكت عن الشر ليسلم إذ آفات اللسان كثيرة فاحفظ لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. قال ابن مسعود: ما شيء أحوج إلى طول سجن من لسان، ولبعضهما: اللسان حية مسكنها الفم.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الإيمان وابن ماجة في الفتن.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي الكلاعي الحافظ قال: (حدثنا الليث) بن سعد الإمام (قال: حدثني) بالإفراد (سعيد المقبري عن أبي شريح) بضم المعجمة وفتح الراء آخره مهملة خويلد (العدوي) الخزاعي الكعبي الصحابيّ ﵁(قال: سمعت أذناي وأبصرت عيناي حين تكلم النبي ﷺ) وفائدة قوله سمعت وأبصرت التوكيد (فقال):
(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) وفي مسلم من حديث أبي هريرة فليحسن إلى جاره (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته) نصب مفعول ثان ليكرم لأنه في معنى الإعطاء أو بنزع الخافض أي بجائزته والجائزة العطاء (قيل: وما جائزته يا رسول الله؟