أكثرهم إقدامًا إلى العدوّ في الجهاد مع عدم الفرار وحسن الصورة تابع لاعتدال المزاج وهو مستتبع لصفاء النفس الذي به جودة القريحة ونحوها وهذه الثلاث هي أمهات الأخلاق (ولقد فزع) بكسر الزاي أي خاف (أهل المدينة) لما سمعوا صوتًا في الليل أن يهجم عليهم عدوّ (ذات ليلة) لفظ ذات مقحمة (فانطلق الناس قِبل الصوت) أي جهته (فاستقبلهم النبي ﷺ قد سبق الناس إلى الصوت) واستكشف الخبر فلم يجد ما يخاف منه فرجع (وهو يقول): لهم تأنيسًا وتسكينًا لروعهم:
(لن تراعوا لن تراعوا) مرتين ولأبي ذر لم تراعوا بالميم فيهما قال الكرماني وغيره: أي لا تراعوا جحد بمعنى النهي أي لا تفزعوا، وقال صاحب المصابيح في قول التنقيح: لم بمعنى لا ومعناه لا تفزعوا لا أعلم أحدًا من النحاة قال بأن لم ترد بمعنى لا الناهية فحرّره (وهو) أي والحال أنه ﷺ(على فرس) اسمه مندوب (لأبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري (عري ما عليه سرج) تفسير لسابقه (في عنقه سيف فقال: لقد وجدته) أي الفرس (بحرًا أو إنه لبحر) أي كالبحر في سعة جريه.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن كثير) العبدي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن ابن المنكدر) محمد أنه (قال: سمعت جابرًا ﵁ يقول: ما سئل النبي ﷺ عن شيء قط) أي ما طلب منه شيء. قال الكرماني: من أقوال الدنيا (فقال: لا) قال الفرزدق:
ما قال لا قط إلا في تشهده … لولا التشهد كانت لاءه نعم
وعند ابن سعد من مرسل ابن الحنفية إذا سئل فأراد أن يفعل قال: نعم، وإذا لم يرد أن يفعل يسكت ففيه أنه لا ينطق بالرد، بل إن كان عنده وكان الإعطاء سائغًا أعطى وإلاّ سكت.
وحديث الباب أخرجه في فضائل النبي ﷺ والترمذي في الشمائل.
وبه قال:(حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث النخعي الكوفي قاضيها قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (قال: حدثني) بالإفراد (شقيق) هو ابن سلمة (عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه (قال: كنا جلوسًا مع عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن العاص ﵁ حال كونه (يحدّثنا إذ قال: لم يكن رسول الله ﷺ فاحشًا) بالطبع (ولا