للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(لا تباغضوا) بأن تتعاطوا أسباب التباغض أو لا تفعلوا الأهواء المضلة المقتضية للتباغض (ولا تحاسدوا) بأن يتمنى أحدكم زوال النعمة عن أخيه (ولا تدابروا) بإسقاط إحدى التاءين في الثلاثة والتدابر التهاجر (وكونوا) يا (عباد الله إخوانًا) باكتساب ما تصيرون به إخوانًا (ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه) المسلم (فوق ثلاث ليال) بأيامها.

والحديث سبق قريبًا في باب التحاسد.

٦٠٧٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ، عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ».

[الحديث ٦٠٧٧ - طرفه في: ٦٢٣٧]

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن عطاء بن يزيد الليثي) المديني نزيل الشام (عن أبي أيوب) خالد بن زيد (الأنصاري) (أن رسول الله قال):

(لا يحل لرجل أن يهجر أخاه) في الإسلام (فوق ثلاث ليال) بأيامها وظاهره كما مرّ إباحة ذلك في الثلاث لأن الغالب أن ما جبل عليه الإنسان من الغضب وسوء الخلق يزول من المؤمن أو يقل بعد الثلاث والتعبير بأخيه فيه إشعار بالعلية (يلتقيان) ولأبي ذر عن الكشميهني: فيلتقيان بزيادة فاء في أوّله (فيعرض هذا) عن أخيه المسلم (ويعرض هذا) الآخر كذلك ويعرض بضم التحتية فيهما والجملة استئنافية بيان لكيفية الهجران ويجوز أن يكون حالاً من فاعل يهجر ومفعوله معًا (وخيرهما الذي يبدأ) أخاه (بالسلام) عطف على الجملة السابقة من حيث المعنى لما يفهم منها أن ذلك الفعل ليس بخبر وعلى القول بأن الأولى حال، فهذه الثانية عطف على قوله لا يحل، وزاد الطبراني من طريق أخرى عن الزهري بعد قوله بالسلام يسبق إلى الجنة، ولأبي داود وبسند صحيح عن أبي هريرة : فإن مرت به ثلاث فلقيه فليسلم عليه فإن ردّ فقد اشتركا في الأجر وإن لم يرد فقد باء بالإثم وخرج المسلم من الهجرة.

وقال في المصابيح: حاول بعض الناس أن يجعل هذا دليلاً على فرع ذكروا أنه مستثنى من القاعدة المشهورة وهي أن الفرض أفضل من النفل وهذا الفرع المستثنى هو الابتداء بالسلام فإنه سنة والرد واجب. قال بعض الناس: والابتداء أفضل لقوله "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" واعلم أنه ليس في الحديث أن الابتداء خير من الجواب وإنما فيه من المبتدئ خير من المجيب، وهذا لأن المبتدئ فعل حسنة وتسبب إلى فعل حسنة وهي الجواب مع ما دل عليه الابتداء من حسن طوية المبتدئ وترك ما يكرهه الشارع من الهجر والجفاء فإن الحديث ورد في المسلمين يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وكان المبتدئ خيرًا من حيث إنه مبتدئ بترك ما كرهه الشارع من التقاطع لا من حيث إنه يسلم انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>