الكواكب: إنما غضب لأن الحجة إنما هي في سنة رسول الله ﷺ لا فيما يروى عن كتب الحكمة لأنه لا يدري ما في حقيقتها ولا يعرف صدقها، وقال القرطبي: إنما أنكر عليه من حيث إنه ساقه في معرض من يعارض كلام النبوّة بكلام غيره، وقيل لكونه خاف أن يخلط السنة بغيرها وإلاّ فليس في ذكر السكينة والوقار ما ينافي كونه خيرًا وفي رواية أبي قتادة فغضب عمران حتى احمرت عيناه وقال: ألا أراني أحدثك عن رسول الله ﷺ وتعارض فيه. قال الحافظ ابن حجر: وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه لبشير بن كعب هذا قصة مع ابن عباس تشعر بأنه كان يتساهل في الأخذ عن كل من لقيه اهـ.
قلت: ولفظ مسلم عن مجاهد قال: جاء بشير العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله ﷺ: فجعل لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس ما لي لا أراك تسمع لحديثي أحدثك عن رسول الله ﷺ ولا تسمع. فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله ﷺ ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعبة والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف، وقوله فجعل لا يأذن لحديثه بفتح الذال المعجمة أي لا يسمع ولا يصغي وقوله مرة أي وقتًا ويعني به قبل ظهور الكذب والصعب والذلول في الإبل، فالصعب العسر المرغوب عنه، والذلول السهل الطيب المرغوب فيه أي سلك الناس كل مسلك مما يحمد ويذم وهيهات أي بعدت استقامتكم أو بعد أن يوثق بحديثكم.
وبه قال:(حدّثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي قال:
(حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة) بفتح اللام الماجشون قال: (حدّثنا ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن سالم عن) أبيه (عبد الله بن عمر ﵄) أنه (قال: مرّ النبي ﷺ على رجل) زاد في الإيمان من الأنصار ولم يعرف اسمه ولا اسم أخيه الحافظ ابن حجر (وهو يعاتب أخاه) في النسب أو في الإسلام (في) شأن (الحياء) حال كونه (يقول: إنك لتستحي) بكسر الحاء وتحتية واحدة والذي في اليونينية بسكون الحاء وتحتيتين وللحموي والمستملي تستحيي بإسقاط اللام وسكون الحاء وتحتيتين (حتى كأنه يقول قد أضرّ بك) الحياء وكأنه كان كثير الحياء فكان ذلك يمنعه عن استيفاء حقوقه فعاتبه أخوه على ذلك (فقال رسول الله ﷺ):
(دعه) أي اتركه على هذا الخلق السني ثم زاده في ذلك ترغيبًا بقوله (فإن الحياء من الإيمان) أي شعبة منه فمن للتبعيض.