قال: ويحتمل أن يكون قصد أبي قلابة أن هذه الاستعارة تحسن من مثل رسول الله ﷺ في البلاغة ولو صدرت ممن لا بلاغة له لعبتموها قال: وهذا هو اللائق بمنصب أبي قلابة. وقال الداودي: هذا قاله أبو قلابة لأهل العراق لما كان عندهم من التكلف ومعارضة الحق بالباطل.
ومطابقة الأحاديث لما ترجم عليه ظاهرة. فإن قلت: قد نفى الله تعالى عنه ﷺ في كتابه أن يكون شاعرًا وفي الأحاديث أنه أنشد الشعر واستنشده. أجيب: بأن المنفي في الآية إنشاء الشعر لا إنشاده ويقال لمن قاله متمثلاً أو جرى على لسانه موزونًا من غير قصد أنه شاعر، وقد دل غير ما حديث على جواز وقوع الكلام منه منظومًا من غير قصد إلى ذلك، ولا يسمى مثل ذلك شعرًا ولا القائل به شاعرًا، وقد وقع كثير من ذلك في القرآن العظيم لكن غالبه أشطار أبيات، والقليل منه وقع وزن بيت تام وللعلامة الشهاب أبي الطيب الحجازي قلائد النحور في جواهر البحور ذكر فيها ما استخرج من القرآن العزيز مما جاء على أوزان البحور اتفاقًا.
فمن ذلك قوله مما هو من البحر الطويل:
أيا من طويل الليل بالنوم قصروا … أنيبوا وكونوا من أناس به تاهوا
وإن شئتموا تحيوا أميتوا نفوسكم … ولا تقتلوا النفس التي حرم الله
ومن البحر الوافر:
صدور الجيش يظفركم إله … بوافر سهمكم بالكافرين
ويخزهمو وينصركم عليهم … ويشف صدور قوم مؤمنين
ومن الكامل:
مات ابن موسى وهو بحر كامل … فهناكمو جمع الملائك مشترك