وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: سمعت ابن المنكدر) محمدًا (قال: سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري (﵄) يقول (ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم) بفتح السين والميم المشددة ولأبي ذر فأسماه بزيادة همزة مفتوحة وسكون السين (فقالوا) له: (لا نكنيك بأبي القاسم) بفتح النون وسكون الكاف (ولا ننعمك عينًا) بضم النون الأولى وسكون الثانية وكسر العين المهملة أي لا نقر عينك بذلك (فأتى) الرجل (النبي ﷺ فذكر ذلك) الذي قالوه (له) ولأبي ذر عن الكشميهني فذكروا (فقال) له النبي ﷺ:
(أسم ابنك عبد الرحمن) بهمزة قطع وسكون السين وقد اختلف في التكني بأبي القاسم فقيل لا يجوز مطلقًا سواء كان اسمه محمدًا أو أحمد أو لم يكن لظاهر الحديث، وذلك لأنه لما كان ﷺ يكنى أبا القاسم لأنه يقسم بين الناس من قِبل الله تعالى ما يوحى إليه وينزلهم منازلهم التي يستحقولها في الشرف والفضل وقسم الغنائم، ولم يكن أحد منهم يشاركه في هذا المعنى منع أن يكنى به غيره لهذا المعنى. قال البيضاوي: هذا إذا أريد به المعنى المذكور، وأما لو كني به أحد للنسبة إلى ابن له اسمه قاسم أو للعلمية المجردة جاز ويدل له التعليل المذكور.
الثاني: إن هذا كان في بدء الأمر ثم نسخ فيجوز التكني به اليوم لكل أحد مطلقًا اسمه محمد وغيره وعلته التباس خطابه بخطاب غيره ويدل عليه نهيه عنه في حديث أنس المروي في البيع من البخاري عقب ما سمع رجلاً يقول: يا أبا القاسم فالتفت إليه ﷺ فقال: لم أعنك. قال القاضي عياض: وهذا مذهب جمهور السلف وفقهاء الأمصار.
الثالث: أنه ليس بمنسوخ وإنما كان النهي للتنزيه والأدب لا للتحريم.
الرابع: أن النهي عن الجمع فلا بأس بالكنية وحدها لمن لا يسمى باسمه ﷺ لحديث جابر: "من تسمى باسمي فلا يكتني بكنيتي ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي" رواه أبو داود وهو كقولهم: اشرب اللبن ولا تأكل السمك أي حين شربه فيكون النهي عن الجمع بينهما.
الخامس: المنع من التسمية بمحمد مطلقًا لحديث أنس تسمونهم محمدًا ثم تلعنونهم رواه البزار وأبو يعلى بسند لين وكتب عمر إلى أهل الكوفة لا تسموا أحدًا باسم نبي، وإنما فعل ذلك إعظامًا لاسم النبي ﷺ لئلا ينتهك وكان سمع رجلاً يقول لمحمد بن زيد بن الخطاب: يا محمد فعل الله بك وفعل فدعاه وقال: لا أرى رسول الله ﷺ يسب بك فغيّر اسمه، لكن ورد ما يدل على أن عمر ﵁ رجع عن ذلك وكره مالك التسمية بأسماء الملائكة كجبريل.