والأكل بخلاف غيرها، ولأن خلقها أعجب من غيرها فإنه سخرها منقادة لكل من اقتادها بأزمتها لا تمانع صغيرًا وبرأها طوال الأعناق لتنوء بالأوقار، وجعلها بحيث تبرك حتى تحمل عن قرب ويسر، ثم تنهض بما حملت وتجرّه إلى البلاد الشاسعة، وصبرها على احتمال العطش حتى أن أظماءها لترتفع إلى العشر فصاعدًا، وجعلها ترعى كل نابت في البراري ما لا يرعاه سائر البهائم. وغرض البخاري من هذه الآية ذكر السماء لينص على جواز رفع البصر إليها، وأما النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة فخاص بها لما هو مطلوب فيها من الخشوع وجمع الهمة وتطهير السر من السوى بحيث لا يكون فيه متسع لغيرها إذ المصلي يناجي ربه.
(وقال أيوب) بن أبي تميمة السختياني (عن ابن أبي مليكة) عبد الله (عن عائشة)﵂: (رفع النبي ﷺ رأسه إلى السماء) وصله أحمد وهو طرف من حديث أوّله مات رسول الله ﷺ في بيتي ويومي وبين سحري ونحري الحديث وفيه فرفع بصره إلى السماء وقال: "الرفيق الأعلى" وهو عند البخاري في الوفاة النبوية من طريق حماد بن زيد عن أيوب بلفظ فرفع رأسه إلى السماء. وهذا التعليق ثبت في رواية المستملي والكشميهني وسقط لغيرهما.
وبه قال:(حدّثنا ابن بكير) ولأبي ذر: يحيى بن بكير قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري أنه (قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (يقول: أخبرني) بالإفراد (جابر بن عبد الله)﵄(أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: ثم فتر عني الوحي) احتبس بعد نزول ﴿اقرأ باسم ربك﴾ [الأعلى: ١] ثلاث سنين أو سنتين ونصفًا (فبينما) بالميم وفي اليونيية بإسقاطها (أنا أمشي) وجواب بينما (سمعت صوتًا من السماء) في أثناء أوقات المشي (فرفعت بصري إلى السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء) هو جبريل (قاعد على كرسي بين السماء والأرض) الحديث.