وبه قال:(حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة العبدي البصري قال: (حدّثنا سفيان) الثوري قال: (حدّثنا سليمان) بن طرخان التيمي (عن أنس بن مالك ﵁) أنه (قال: عطس) بفتح الطاء المهملة (رجلان) هما عامر بن الطفيل وابن أخيه كما في الطبراني من حديث سهل بن سعد (عند النبي ﷺ فشمت أحدهما) فقال له: يرحمك الله (ولم يشمت الآخر) بالشين المعجمة والميم المشددة في الكلمتين وأصله إزالة شماتة الأعداء والتفعيل للسلب نحو: جلدت البعير أي أزلت جلده فاستعمل للدعاء بالخير لتضمنه ذلك فكأنه دعا له أن لا يكون في حالة من يشمت به، أو أنه إذا حمد الله أدخل على الشيطان ما يسوءه فشمت هو بالشيطان، وفي اليونينية فسمت أحدهما ولم يسمت الآخر بالسين المهملة فيهما. قال أبو ذر: بالسين المهملة في كل موضع عند الحموي أي دعا له بأن يكون لم سمت حسن، وقيل إنه أفصح. وقال القاضي أبو بكر بن العربي: المعنى في اللفظين بديع وذلك أن العاطس ينحل كل عضو في رأسه وما يتصل به من العنق ونحوه فكأنه إذا قيل له يرحمك الله كان معناه أعطاك الله رحمة يرجع بها بدنك إلى حاله قبل العطاس ويقيم على حاله من غير تغيير، فإن كان السمت بالمهملة فمعناه رجع كل عضو إلى سمته الذي كان عليه، وإن كان بالمعجمة فمعناه صان الله شوامته أي قوائمه التي بها قوام بدنه عن خروجها عن الاعتدال. قال: وشوامت كل شيء قوائمه التي بها قوامه فقوام الدابة بسلامة قوائمها التي ينتفع بها إذا سلمت وقوام الآدمي بسلامة قوائمه التي بها قوامه وهو رأسه وما يتصل به من عنق وصدر اهـ.
وفي اليونينية لأبي ذر عن الحموي فسمت بالمهملة ولم يشمت بالمعجمة اهـ.
وفي الأدب المفرد للمؤلّف وصححه ابن حبان من حديث أبي هريرة: عطس رجلان عند النبي ﷺ أحدهما أشرف من الآخر وإن الشريف لم يحمد الله فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر (فقيل له): يا رسول الله شمت هذا ولم تشمت الآخر (فقال)ﷺ:
(هذا حمد الله) فشمته (وهذا لم يحمد الله) فلم أشمته، ولأبي ذر عن الكشميهني لم يحمد بحذف الجلالة.
وفي حديث أبي هريرة المذكور أن هذا ذكر الله فذكرته وأنت نسيت الله فنسيتك، والنسيان يطلق على الترك أيضًا والسائل هو العاطس الذي لم يحمد الله كما سيأتي إن شاء الله تعالى بما فيه من البحث قريبًا بعد ثلاثة أبواب بعون الله وقوّته.
وفي الحديث مشروعية الحمد، وقوله في حديث أبي هريرة الآتي إن شاء الله تعالى بعد بابين