(باب قول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم﴾)[النور: ٢٧] أي بيوتًا لستم تملكونها ولا تسكنونها، وهذا مما أدّب الله تعالى به عباده (﴿حتى تستأنسوا﴾) تستأذنوا. كذا روي عن ابن عباس أخرجه سعيد بن منصور وقرأ به، وأخرج البيهقي في الشعب بسند صحيح عن إبراهيم النخعي قال في مصحف ابن مسعود: حتى تستأذنوا، وعن سعيد بن منصور عن إبراهيم قال في مصحف عبد الله: حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا، وأخرجه إسماعيل بن إسحاق في أحكام القرآن عن ابن عباس واستشكله. وأجيب: بأن ابن عباس بناه على قراءته التي تلقاها عن أبيّ بن كعب، وأما اتفاق الناس على قراءتها بالسين فلموافقة خط المصحف الذي وقع على عدم الخروج عما يوافقه وكانت قراءة أبي من الأحرف التي تركت القراءة بها والاستئناس في الأصل الاستعلام والاستكشاف استفعال من آنس الشيء إذا أبصره ظاهرًا مكشوفًا أي تستعلموا أيطلق لكم الدخول أم لا. وذلك بتسبيحة أو بتكبيرة أو تنحنح ما في حديث أبي أيوب عند أبي حاتم بسند ضعيف قال: قلت يا رسول الله هذا السلام فما الاستئناس؟ قال:"يتكلم الرجل بتسبيحة أو تكبيرة ويتنحنح فيؤذن أهل البيت" وأخرج الطبري من طريق قتادة قال: الاستئناس هو الاستئذان ثلاثًا، فالأولى ليسمع والثانية ليتأهبوا له والثالثة إن شاؤوا أذنوا له وإن شاؤوا ردّوا. وقال البيهقي: معنى حتى تستأنسوا تستبصروا ليكون الدخول على بصيرة فلا يصادف حالة يكره صاحب المنزل أن تطلعوا عليها. (﴿وتسلموا على أهلها﴾) بأن تقولوا السلام عليكم أأدخل ثلاث مرات، فإن أذن وإلاّ رجع، وهل يقدم السلام أو الاستئذان؟ الصحيح تقديم الاستئذان. وأخرج أبو داود وابن أبي شيبة بسند جيد عن ربعي بن حراش حدثني رجل أنه استأذن على النبي ﷺ وهو في بيته فقال: أألج؟ فقال لخادمه: أخرج إلى هذا فعلمه. فقال: قل السلام عليكم أألج؟ الحديث. وصححه الدارقطني، وعن الماوردي إن وقعت عين المستأذن على صاحب المنزل قبل دخوله قدّم السلام وإلاّ قدّم الاستئذان.
(﴿ذلكم﴾) أي الاستئذان والتسليم (﴿خير لكم﴾) من تحية الجاهلية والدخول بغير إذن وكان الرجل من أهل الجاهلية إذا دخل بيت غيره يقول: حييتم صباحًا وحييتم مساء ثم يدخل فربما أصاب الرجل مع امرأته في لحاف واحد (﴿لعلكم تذكرون﴾) أي قيل لكم هذا لكي تذكروا وتتعظوا وتعملوا بما أمرتم به في باب الاستئذان، وينبغي للمستأذن أن لا يقف تلقاء الباب