وبه قال:(حدّثنا ابن بشار) بالمعجمة محمد قال: (حدثني) بالإفراد (يحيى) بن سعيد القطان (عن عبيد الله) بضم العين العمري أنه قال: (حدثني) بالإفراد (سعيد) المقبري (عن أبيه) كيسان (عن أبي هريرة)﵁ أنه (قال: قال النبي ﷺ):
(ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا) كذا ساقه هنا مختصرًا وأورده في الصلاة بتمامه، واستدلّ به كثيرون على وجوب الطمأنينة لأنه لما علمه صفة الصلاة صرح له بالطمأنينة فدلّ على اعتبارها وأمره بها فدلّ على وجوبها. قال في العمدة: ولا علقة لمن منع وجوب الطمأنينة بجعل الطمأنينة غاية في الركوع والسجود وغيرهما مما ذكر في الحديث في الدلالة على دعواه، فإن الغاية في دخولها أقوال مشهورة فمن يقول الغاية لا تدخل مطلقًا ولو كانت من جنس ما قبلها كإمامنا الشافعي أن يقول: الطمأنينة ليست واجبة لأنا نقول هذه مغالطة وبيانه من وجوه.
أحدها: أنه قيد بالحال وهو راكعًا وساجدًا وجالساً فالغاية داخلة قطعًا بصريح التقييد لفظًا بالحال.
الثاني: أنه لو لم يقيده بالحال كان داخلاً باللازم لأنه أمر مغيا بفعل آخر من المأمور فلا بد من وجوده لتحقق الغاية.
الثالث: أن الغاية هنا صدق الطمأنينة وإنما تصدق بوجودها اهـ.
وقد سبق في الصلاة مزيد مباحث للحديث، والغرض هنا ما يتعلق بالترجمة، وغرض البخاري أن رد السلام ثبت بتقديم السلام على عليك فيقال في الابتداء والرد السلام عليك لأن السلام اسم الله فينبغي أن لا يقدم عليه شيء، وعن بعض الشافعية أن المبتدئ لو قال: عليك السلام لم يجز، وثبت أيضًا فيقول عليك السلام وبلفظ الإفراد. وقال بعضهم: لا يقتصر على الإفراد بل يأتي بصيغة الجمع ففي الأدب المفرد من طريق معاوية بن قرة قال لي أبي: إذا مرّ بك الرجل فقال: السلام عليكم فلا تقل وعليك السلام فتخصهُ وحده وسنده صحيح، ولو وقع الابتداء بلفظ الجمع فلا يكفي الرد بالإفراد لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم فلا يكون امتثل الرد بالمثل فضلاً عن الأحسن كما نبه عليه الشيخ تقيّ الدين. وقال آخرون: لا يحذف الواو في الردّ بل يجيب بواو العطف فيقول: وعليك. وقال قوم: يكفي في الجواب أن يقتصر على عليك بغير لفظ السلام.