للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصفة وفي المكان ضيق وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء أناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجالس فقاموا حيال رسول الله على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فلم يفسح لهم فشق ذلك على النبي فقال لمن حوله من غير أهل بدر: "قم يا فلان وأنت يا فلان وأجلسهم في أماكنهم" فشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف النبي الكراهة في وجوههم وتكلم في ذلك المنافقون، فبلغنا أن رسول الله قال: "رحم الله رجلاً يفسح لأخيه" فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعًا فيفسح القوم لإخوانهم ونزلت هذه الآية يوم الجمعة وعن ابن عباس هي مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب قال الحسن: كانوا يتشاحون على الصف الأوّل فلا يوسع بعضهم لبعض رغبة في الشهادة فنزلت، والظاهر أن الحكم يطرد في مجالس الطاعات وإن كان السبب خاصًا (﴿فافسحوا﴾) فوسعوا (﴿يفسح الله لكم﴾) يوسع الله عليكم في الدنيا والآخرة لأن الجزاء من جنس العمل وهو يطلق في كل ما ينبغي للناس الفسحة فيه من المكان والرزق والقبر وغير ذلك (﴿وإذا قيل انشزوا﴾) انهضوا للتوسعة على المقبلين أو انهضوا عن مجلس رسول الله إذا أمرتم بالنهوض عنه أو انهضوا إلى الصلاة والجهاد وأعمال الخير (﴿فانشروا﴾) [المجادلة: ١١] فانهضوا في المجلس للتفسح لأن مزيد التوسعة على الواردين يقع إلى فوق فيتسع الموضع أمروا أوّلاً بالتفسح ثم ثانيًا بامتثال الأمر فيه (الآية). وبقيتها ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم﴾ [المجادلة: ١١] أي بامتثال أوأمره وأوامر رسوله ﴿والذين أوتوا العلم﴾ [المجادلة: ١١] أي والعالمين منهم خاصة ﴿درجات والله بما تعملون خبير﴾ [المجادلة: ١١].

قال صاحب الانتصاف: وقع في الجزاء رفع الدرجات مناسبة للعمل لأن المأمور به تفسيح المجالس لئلا يتنافسوا في القرب من المكان المرتفع بحلول الرسول فيه، فالمفسح حابس لنفسه عما يتنافس فيه من الرفعة تواضعًا فجوزي بالرفعة لقوله: من تواضع لله رفعه الله، ثم لما علم أن أهل العلم يستوجبون رفع المجلس خصهم بالذكر ليسهل عليهم ترك ما لهم من الرفعة في المجلس تواضعًا لله يريد أنه من باب ملائكته وجبريل، وكان ابن مسعود إذا قرأ هذه الآية قال: يا أيها الناس افهموا هذه الآية لترغبكم في العلم، وسقط من قوله يفسح الله لكم إلى آخرها لأبي ذر.

٦٢٧٠ - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ آخَرُ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ يُجْلِسَ مَكَانَهُ.

وبه قال: (حدّثنا خلاد بن يحيى) بن صفوان السلمي الكوفي نزيل مكة قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن عبيد الله) بضم العين هو العمري (عن نافع عن ابن عمر) (عن النبي أنه نهى) نهي تحريم (أن يقام الرجل من مجلسه) إذا كان في موضع مباح (ويجلس فيه آخر ولكن تفسحوا وتوسعوا) هو عطف تفسير، وعند ابن مردويه من رواية قبيصة عن سفيان ولكن ليقل افسحوا وتوسعوا قال في الكواكب: وتفسحوا أمر فكيف يكون الأمر استدراكًا من

<<  <  ج: ص:  >  >>