للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) العامري الأويسي الفقيه قال: (حدّثنا مالك) الإمام الأعظم (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أبي عبد الله) سلمان (الأغرّ) بفتح الغين المعجمة وتشديد الراء الجهني المدني (وأبي سلمة بن عبد الرَّحمنِ) بن عوف كلاهما (عن أبي هريرة أن رسول الله قال):

(يتنزل) بالفوقية بعد التحتية وفتح الزاي المشددة وللكشميهني ينزل (ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا) هذا من المتشابهات وحظ السلف من الراسخين في العلم أن يقولوا آمنا به كل من عند ربنا، ونقله البيهقي وغيره عن الأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين والأوزاعي والليث، ومنهم من أوّل على وجه يليق مستعمل في كلام العرب ومنهم من أفرط في التأويل حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف ومنهم من فصل بين ما يكون تأويله قريبًا مستعملاً في كلام العرب وما يكون بعيدًا مهجورًا فأوّل في بعض وفوّض في آخر ونقل هذا عن مالك. قال البيهقي: وأسلمها الإيمان بلا كيف والسكوت عن المراد إلا أن يردد ذلك عن الصادق فيصار إليه، ونقل عن مالكَ أنه أول النزول هنا بنزول رحمته تعالى وأمره أو ملائكته كما يقال فعل الملك كذا أي أتباعه بأمره ومنهم من أوله على الاستعارة والمعنى الإِقبال على الداعي باللطف والإجابة، وقد سبق في التهجد من أواخر كتاب الصلاة مباحثه، ويأتي إن شاء الله تعالى بعون الله غير ذلك في كتاب التوحيد. وقال البيضاوي لما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه فالمراد دنوّ رحمته أي ينتقل من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفة الإكرام التي تقتضي الرحمة والرأفة (حين يبقى ثلث الليل الآخر) بكسر المعجمة والرفع صفة لثلث لأنه وقت خلوة ومناجاة وتضرع وخلو النفس من خواطر الدنيا وشواغلها.

وساق المؤلّف الترجمة بلفظ نصف الليل والحديث مصرح أن التنزل ثلث الليل فيحتمل أنه جرى على عادته بالإشارة إلى حديث أحمد عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ: ينزل الله إلى سماء الدنيا نصف الليل الآخر أو ثلث الليل الآخر، وأخرجه الدارقطني عن الأغرّ عن أبي هريرة بلفظ: شطر الليل من غير تردد، وقد اختلفت الروايات في تعيين الوقت على ستة الثلث الأخير كما هنا أو الثلث الأوّل أو الإطلاق فيحمل المطلق على المقيد، والذي بأوان كان للشك المجزوم به مقدم على المشكوك فيه وإن كان للتردد بين حالين فيجمع بذلك بين الروايات بأن ذلك يقع بحسب اختلاف الأحوال لكون أوقات الليل تختلف في الزمان والأوقات باختلاف تقدم دخول الليل عند قوم وتأخره عند قوم أو يكون النزول يقع في الثلث الأول والقول يقع في النصف وفي الثلث الثاني أو أنه يقع في جميع الأوقات التي وردت به، ويحمل على أنه أعلم بأحدها في وقت فأخبر به ثم الآخر فأخبر به فنقلت الصحابة ذلك عنه.

(يقول) ولأبي ذر فيقول: (من يدعوني فأستجيب له) فأجيب دعاءه (من يسألني فأعطيه)

<<  <  ج: ص:  >  >>