الأنصاري عند النسائي وطلحة بن عبيد الله عند الطبري، وحديث أبي هريرة عند الشافعي وعبد الرَّحمن بن بشير عند إسماعيل القاضي في كتاب فضل الصلاة فإن ثبت أن السائل كان متعددًا فواضح وإن ثبت أنه كان واحدًا فالحكمة في التعبير بصيغة الجمع الإِشارة إلى أن السؤال لا يختص به بل يريد نفسه ومن يوافقه على ذلك ولا يقال هو من باب التعبير عن البعض بالكل، بل حمله على ظاهره من الجمع هو المعتمد لما ذكر.
وعند البيهقي والخلعي من طريق الأعمش ومسعر ومالك بن مغول عن الحكم عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة لما نزلت ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي﴾ [الأحزاب: ٥٦] الآية قلنا يا رسول الله (قد علمنا كيف نسلم عليك) بما علمتنا من أن نقول السلام عليك أيها النبي وقد أمرنا الله تعالى بالصلاة والسلام عليك في الآية (فكيف نصلي عليك)؟ أي فعلمنا كيف اللفظ اللائق بالصلاة عليك (قال)ﷺ:
(فقولوا) والأمر هنا للوجوب اتفاقًا نعم اختلف هل تتعدد أم لا فقيل في العمر مرة واحدة وقيل في كل تشهد يعقبه سلام قاله الشافعي وفيه مباحث سبقت في سورة الأحزاب وقيل تجب كلما ذكر لحديث رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليّ وفي كتاب المواهب اللدنية من ذلك ما يكفي ويشفي ولأبي ذر فقال: قولوا (اللهم صل على محمد) قال الحليمي: أي عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء شريعته وفي الآخرة بإجزال مثوبته وتشفيعه في أمته وإبداء فضيلته بالمقام المحمود، ولما كان البشر عاجزًا عن أن يبلغ قدر الواجب له من ذلك شرع لنا أن نحيل أمر ذلك على الله تعالى بأن نقول: اللهم صل على محمد أي لأنك أنت العليم بما يليق به من ذلك (وعلى آل محمد) من حرمت عليه الصدقة (كما صليت على آل إبراهيم) وعند البيهقي من وجه آخر عن آدم بن أبي إياس شيخ المؤلّف على إبراهيم ولم يقل على آل إبراهيم قال: في الفتح والحق أن ذكر محمد وإبراهيم وذكر آل محمد وآل إبراهيم ثابت في أصل الخبر وإنما حفظ بعض الرواة ما لم يحفظ الآخر (إنك حميد) محمود (مجيد) ماجد وصفان بنيًا للمبالغة (اللهم بارك على محمد) أي أثبت له وأدم له ما أعطيته من التشريف والكرامة وزده من الكمالات ما يليق بك وبه (وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد).
قال في شرح المشكاة: هذا تذييل للكلام السابق وتقرير له على سبيل العموم أي أنك حميد فاعل ما تستوجب به الحمد من النعم المتكاثرة والآلاء المتعاقبة المتوالية مجيد كريم الإِحسان إلى جميع عبادك الصالحين ومن محامدك وإحسانك أن توجه صلواتك وبركاتك وترحمك على حبيبك نبي الرحمة وآله، وللحافظ أبي الحسن بن المفضل المقدسي جزء جمع فيه طرق حديث عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة.