بلفظ النسب وهو من الطبقة العليا من شيوخ البخاري قال:(أخبرنا عبد الله بن سعيد) بكسر العين (هو) أي سعيد (بن أبي هند) الفزاري مولى سمرة بن جندب (عن أبيه) سعيد بن أبي هند (عن ابن عباس ﵄) أنه (قال: قال النبي ﷺ):
(نعمتان) تثنية نعمة وهي الحالة الحسنة وقال الإمام فخر الدين المنفعة المفعولة على جهة الإِحسان إلى الغير وزاد الدارمي من نعم الله (مغبون فيهما) أي في النعمتين (كثير من الناس) رفع بالابتداء وخبره مغبون مقدمًا والجملة خبر نعمتان وهما (الصحة) في البدن (والفراغ) من الشواغل بالمعاش المانع له عن العبادة والغبن بفتح الغين المعجمة وسكون الموحدة النقص في البيع وبتحريكها في الرأي أي ضعف الرأي قال في الكواكب: فكأنه قال هذان الأمران إذا لم يستعملا فيما ينبغي فقد غبن صاحبهما فيهما أي باعهما ببخس لا تحمد عاقبته أو ليس له رأي في ذلك البتة فقد يكون الإنسان صحيحًا ولا يكون متفرغًا للعبادة لاشتغاله بالمعاش وبالعكس، فإذا اجتمع الصحة والفراغ وقصر في نيل الفضائل فذلك الغبن كل الغبن لأن الدنيا سوق الأرباح ومزرعة للآخرة وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة مولاه فهو المغبوط ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون لأن الفراغ يعقبه الشغل والصحة يعقبها السقم ولو لم يكن إلا الهرم.
والحديث أخرجه الترمذي في الزهد، والنسائي في الرقائق، وابن ماجة في الرقائق.
(قال عباس) بالموحدة المشددة آخره مهملة ابن عبد العظيم (العنبري) البصري الحافظ أحد شيوخ البخاري (حدّثنا صفوان بن عيسى) الزهري (عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند) ولأبي ذر هو ابن أبي هند (عن أبيه) سعيد السابق أنه (قال: سمعت ابن عباس عن النبي ﷺ مثله) أي مثل الحديث السابق.
وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر: حدثني (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة المفتوحتين بندار قال: (حدّثنا غندر) ولأبي ذر محمد بن جعفر بدل قوله غندر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن معاوية بن قرّة) بن أبي إياس المزني (عن أنس)﵁(عن النبي) ولأبي ذر عن المستملي أن النبي (ﷺ قال): عند حفر الخندق متمثلاً يقول ابن رواحة:
(اللهم لا عيش إلا عيش الآخره … فأصلح الأنصار والمهاجره)