(لو أن لابن آدم مثل واد) بكسر الميم وسكون المثلثة بعدها لام ولأبي ذر عن الكشميهني ملء بحذف المثلثة وزيادة همزة بعد اللام الساكنة قال في الصحاح: هو اسم ما يأخذه الإناء إذا امتلأ (مالاً) وفي حديث زيد بن أرقم عند أحمد من ذهب وفضة (لأحب أن له إليه مثله ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب). قال الطيبي: وقع قوله ولا يملأ الخ موقع التذييل والتقرير للكلام السابق كأنه قيل ولا يشبع من خلق من تراب إلا التراب (وبتوب الله على من تاب) أي يقبل توبة الحريص كما يقبلها من غيره (قال ابن عباس)﵄: (فلا أدري من القرآن) المنسوخ تلاوته (هو) أي الحديث المذكور (أم لا) ومبحث ذلك يأتي في هذا الباب إن شاء الله تعالى.
(قال) عطاء بالسند السابق (وسمعت ابن الزبير) عبد الله (يقول: ذلك) الحديث باللفظ المذكور بغير زيادة ابن عباس فلا أدري من القرآن هو أم لا. وقال في الكواكب: ويحتمل أن يراد به قول لا أدري أيضًا (على المنبر) بمكة المشرفة.
وبه قال:(حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا عبد الرَّحمن بن سليمان بن الغسيل) بفتح المعجمة وكسر المهملة أي مغسول الملائكة حين استشهد وهو جنب وهو حنظلة بن أبي عامر الأوسي وهو جد سليمان المذكور لأنه ابن عبد الله بن حنظلة ولعبد الله صحبة وعبد الرَّحمن من صغار التابعين (عن عباس بن سهل بن سعد) بسكون العين والهاء وعباس بالموحدة المشددة آخره مهملة أنه (قال: سمعت ابن الزبير) عبد الله (على المنبر بمكة) ولأبي ذر على منبر مكة (في خطبته يقول: يا أيها الناس إن النبي ﷺ كان يقول):
(لو أن ابن آدم أعطي) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (واديًا ملأ) بفتح الميم وسكون اللام بعدها همزة منونًا ولأبي ذر ملآن (من ذهب أحب إليه ثانيًا ولو أعطي ثانيًا أحب إليه ثالثًا ولا يسدّ جوف) وفي رواية أبي عاصم عن ابن جريج السابقة في هذا الباب ولا يملأ جوف (ابن آدم إلا التراب) قال النووي: معناه أنه لا يزال حريصًا على الدنيا حتى يموت ويمتلئ جوفه من تراب قبره.
وهذا الحديث خرج على حكم غالب بني آدم في الحرص على الدنيا ويؤيده قوله:(ويتوب الله على من تاب) وهو متعلق بما قبله ومعناه أن الله يقبل التوبة من الحرص المذموم وغيره من المذمومات.