وبينه (ترجمان) بضم الفوقانية وفتحها وضم الجيم يفسر الكلام بآخر، وسبق في الزكاة ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له ثم ليقولن له: ألم أوتك مالاً؟ فليقولن: بلى (ثم ينظر فلا يرى شيئًا قدامه) بضم القاف وتشديد الدال أي أمامهُ (ثم ينظر بين يديه) ولمسلم فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، قال ابن هبيرة: نظر اليمين والشمال هنا كالمثل لأن الإنسان من شأنه إذا دهمه أمر أن يلتفت يمينًا وشمالاً يطلب الغوث، وقال صاحب الفتح: أو يكون سبب الالتفات أنه يترجى أن يجد طريقًا يذهب فيها للنجاة من النار (فتستقبله النار) لأنها تكون في ممره فلا يمكنه أن يحيد عنها إذ لا بدّ له من المرور على الصراط (فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة) أي فليفعل. قال المظهري: يعني إذا عرفتم ذلك فاحذروا من النار فلا تظلموا أحدًا ولو بمقدار شق تمرة.
وقال الطيبي: ويحتمل أن يراد إذا عرفتم أنه لا ينفعكم في ذلك اليوم شيء من الأعمال غير الصالحة وأن أمامكم النار فاجعلوا الصدقة جنة بينكم وبينها ولو بشق تمرة.
(قال الأعمش): سليمان بالسند السابق إليه (حدثني) بالإفراد (عمرو) بفتح العين ابن مرة (عن خيثمة) بن عبد الرَّحمن (عن عدي بن حاتم)﵁، وسقط لأبي ذر: ابن حاتم أنه (قال: قال النبي ﷺ):
(اتقوا النار ثم أعرض) عن النار لما ذكرها كأنه ينظر إليها (وأشاح) بهمزة مفتوحة فشين معجمة وبعد الألف حاء مهملة. قال الخليل: أشاح بوجهه عن الشيء نحّاه عنه، وقال الفراء: المشيح الحذر والجادّ في الأمر والمقبل في خطابه. قال الحافظ ابن حجر: فيصحح أخذ هذه المعاني كلها أي حذر النار كأنه ينظر إليها أوجد على الوصية باتقائها أو أقبل على أصحابه في خطابه بعد أن أعرض عن النار (ثم قال: اتقوا النار ثم أعرض وأشاح) قال ﷺ ذلك وفعله (ثلاثًا) ووقع هنا تكرير ثم ثلاثًا (حتى ظننا أنه)﵊(ينظر إليها) أي إلى النار (ثم قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة) من كسب طيب (فمن لم يجد) ما يتصدق به (فبكلمة طيبة) كالدلالة على هدى والصلح بين اثنين وفصل بين متنازعين وحل مشكل وكشف غامض وتسكين غضب قاله ابن هبيرة فيما نقله في الفتح.