ويقف المؤمنون في العرصات للحساب والفقراء هم السابقون إلى الجنة لفقرهم (وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء).
وهذا الحديث والذي قبله مسطوران بهامش الفرع لا رقم عليهما. وقال في الفتح: إنهما سقطًا من كثير من النسخ ومن مستخرجي الإسماعيلي وأبي نعيم ولا ذكر المزي في الأطراف طريق عثمان ولا طريق مسدد في كتاب الرقاق وهما ثابتان في رواية أبي ذر عن شيوخه الثلاثة.
وبه قال:(حدّثنا معاذ بن أسد) المروزي كاتب ابن المبارك قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا عمر بن محمد بن زيد) بضم العين (عن أبيه) محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (أنه حدثه عن ابن عمر)﵄ أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جيء بالموت) الذي هو عرض من الأعراض مجسمًا كما في تفسير سورة مريم في هيئة كبش أملح. قال التوربشتي: ليشاهدوه بأعينهم فضلاً أن يدركوه ببصائرهم، والمعاني إذا ارتفعت عن مدارك الأفهام واستعلت عن معارج النفوس لكبر شأنها صيغت لها قوالب من عالم الحس حتى تتصور في القلوب وتستقر في النفوس، ثم إن المعاني في الدار الآخرة تنكشف للناظرين انكشاف الصورة في هذه الدار الفانية فلذا جيء بالموت في هيئة كبش (حتى يجعل بين الجنة والنار) وفي الترمذي من حديث أبي هريرة فيوقف على السور الذي بين الجنة والنار (ثم يذبح) أي يذكر الذابح فقيل فيما نقله القرطبي عن بعض الصوفية أنه يحيى بن زكريا بحضرة النبي ﷺ إشارة إلى دوام الحياة وعن بعض التصانيف. قال في الفتح: وهو في تفسير إسماعيل بن أبي زياد الشامي أحد الضعفاء في آخر حديث الصور الطويل أنه جبريل ﵇. قال في المصابيح: على تقدير كونه الموت وليس فيهم من اسمه يحيى غيره، فالمناسبة فيه ظاهرة وعلى تقدير كونه جبريل فالمناسبة لاختصاصه بذلك لائحة أيضًا من حديث هو معروف بالروح الأمين، وليس في الملائكة من يطلق عليه ذلك غيره فجعل أمينًا على هذه القضية المهمة وتولى الذبح فكان في ذبح الروح للموت المضادّ لها مناسبة حسنة يمكن رعايتها والإشارة بها إلى بقاء كل روح من غير طروّ الموت عليها بشارة للمؤمنين وحسرة على الكافرين (ثم ينادي منادٍ) أي أعرف اسمه (يا أهل الجنة لا موت يا) وللكشميهني ويا (أهل النار لا موت) بالبناء على الفتح فيهما (فيزداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنًا إلى حزنهم) بضم الحاء المهملة وسكون الزاي فيهما، ولأبي ذر حزنًا إلى حزنهم بفتح الحاء والزاي فيهما.