وبالسند قال:(حدّثنا محمد بن سنان) بكسر السين المهملة ثم نونين بينهما ألف (قال: حدّثنا فليح) بضم الفاء وفتح اللام آخره حاء مهملة ابن سليمان (قال: حدّثنا أبو النضر) بفتح النون وسكون المعجمة سالم بن أبي أمية (عن عبيد بن حنين) بضم العين والحاء المهملتين فيهما وفتح النون في الثاني مصغرين المدني (عن بسر بن سعيد) بضم الموحدة وإسكان المهملة وكسر العين في الثاني المدني العابد مولى ابن الحضرمي، (عن أبي سعيد الخدري) ولأبي ذر والأصيلي عن أبي زيد عن عبيد بن حنين عن أبي سعيد الخدري فأسقطا بسر بن سعيد، وكذا وجد تصويبه على الأصل المسموع على الحافظ أبي ذر وأن الفربري قال: إن الرواية هكذا أي بإسقاطه. ونقل ابن السكن عن الفربري
عن البخاري أنه قال: هكذا حدّث به محمد بن سنان عن فليح وهو خطأ، وإنما هو عن عبيد بن حنين وعن بسر بن سعيد يعني بواو العطف. قال الحافظ ابن حجر: فعلى هذا يكون أبو النضر سمعه من شيخين حدّثه كلٌّ منهما به عن أبي سعيد فحذف العاطف خطأ من محمد بن سنان أو من فليح، وحينئذٍ فانتقاد الدارقطني على المؤلّف هذا الحديث مع إفصاحه بما ذكر لا وجه له وليست هذه بعلة قادحة، والله أعلم. (قال):
(خطب النبي ﷺ فقال: إن الله سبحانه خيّر عبدًا) من التخيير (بين الدنيا وبين ما عنده) أي عند الله في الآخرة (فاختار) العبد (ما عند الله) سقط عند الأصيلي وابن عساكر قوله فاختار ما عند الله وضرب عليه عند أبي الوقت، (فبكى أبو بكر ﵁) وللأصيلي أبو بكر الصديق. قال أبو سعيد:(فقلت في نفسي ما يبكي هذا الشيخ) نصب على المفعولية وكلمة ما استفهامية (إن يكن الله خير عبدًا) كذا في رواية الأكثرين وهو بكسر همزة إن الشرطية، ويكن فعل الشرط مجزوم كسر لالتقاء الساكنين أي أيّ شيء يبكيه من كون الله خيّر عبدًا؟ وللكشميهني من غير اليونينية إن يكن لله عبد خير بكسر إن ويكن مجزوم به كذلك، وعبد مبتدأ وخبره لله مقدمًا وخير بضم الخاء مبنيًّا للمفعول في موضع رفع صفة لعبد، وفي بعض النسخ كما في اللامع أن بالفتح، وجعله الزركشي من تجويز السفاقسي أي لأجل أن، لكن يشكل الجزم حينئذ في يكن. وأجاب ابن مالك بأن يقال فيه ما قيل في حديث لن ترع فإن سكن مع الناصب وهو لن للوقف فأشبه المجزوم فحذفت الألف كما تحذف في المجزوم ثم أجرى الوصل مجرى الوقف اهـ.
والجزاء محذوف يدلّ عليه السياق وفيه ورود الشرط مضارعًا مع حذف الجزاء أو الجزاء قوله فاختار، وفي اليونينية من غير علامة أن يكون عبدًا خير (بين الدنيا وبين ما عنده) تعالى (فاختار ما عند الله فكان رسول الله ﷺ هو العبد) المخير وسقط قوله فاختار ما عند الله للأصيلي وابن عساكر وضرب عليه أبو الوقت: (وكان أبو بكر) الصديق ﵁، (أعلمنا) حيث فهم أنه رسول الله ﷺ يفارق الدنيا فبكى حزنًا على فراقه، وعبّر بقوله عبدًا بالتنكير ليظهر نباهة أهل العرفان في تفسير هذا المبهم فلم يفهم المقصود غير صاحبه الخصيص به فبكى. وقال: بل نفديك بأموالنا فسكن الرسول جزعه (فقال) ولغير الأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني قال: (يا أبا بكر لا تبك) ثم خصّه