قال الشيخ أبو منصور -رحمه الله تعالى-: وهذا الكافر أعرف بالهداية من المعتزلة وكذا أولئك الكفرة الذين قالوا لأتباعهم: لو هدانا الله لهديناكم يقولون لو وفقنا الله للهداية وأعطانا الهدى لدعوناكم إليه، ولكن علم منا اختيار الضلالة والغواية فخذلنا ولم يوفقنا والمعتزلة يقولون: بل هداهم وأعطاهم التوفيق لكنهم لم يهتدوا، والحاصل أن عند الله لطفًا من أعطى ذلك اهتدى وهو التوفيق والعصمة ومن لم يعطه ضل وغوى، وكان استيجابه العذاب وتضييعه الحق بعدما تمكن من تحصيله لذلك. والحاصل من مذهب أهل السنة أن الله تعالى أقدر العباد على اكتساب ما أراد منهم من إيمان وكفر وأن ذلك ليس بخلق للعباد كما زعمت القدرية.
وبه قال:(حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: (أخبرنا جرير) بفتح الجيم (هو ابن حازم) بالحاء المهملة والزاي (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن البراء بن عازب)﵄ أنه (قال: رأيت النبي ﷺ يوم الخندق ينقل معنا التراب) من حفر الخندق (وهو يقول) رجزًا من كلام عبد الله بن رواحة.
(والله لولا الله ما اهتدينا).
وهذا موضع الترجمة.
(ولا صمنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا).
(وثبت الأقدام إن لاقينا) العدوّ (والمشركون قد بغوا علينا) أي ظلموا (إذا أرادوا فتنة أبينا) بالموحدة أي الفرار.