هشام بن عروة (حتى أنزل الله)﷿ في كتابه العزيز (كفارة اليمين) أي آيتها وهي قوله تعالى: ﴿فكفارته إطعام عشرة مساكين﴾ [المائدة: ٨٩] إلى آخرها (وقال: لا أحلف على يمين) أي محلوف يمين فسماه يمينًا مجازًا للملابسة بينهما، والمراد ما شأنه أن يكون محلوفًا عليه وإلاّ هو قبل اليمين ليس محلوفًا عليه فيكون من مجاز الاستعارة، وفي مسلم لا أحلف على أمر (فرأيت غيرها خيرًا منها) الرؤية هنا علمية وغيرها مفعولها الأوّل وخيرًا الثاني، ومنها متعلق بخيرًا وأعاد الضمير مؤنفثًا مع كون المحلوف مذكرًا باعتبار المذكور لفظًا وهو اليمين، والمعنى لا أحلف على أمر فيظهر لي بالعلم أو بغلبة الظن أن غير المحلوف عليه خير منه (إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني) عن حكمها وما يترتب عليها من الإثم. قيل هذا قاله الصديق ﵁ لما حلف لا ينفع مسطح بن أثاثة بنافعة بعدما قال في عائشة ما قال، وأنزل الله براءتها وطابت نفوس المؤمنين وتاب الله على من كان خاض في حديث الإفك وأنزل الله تعالى ﴿ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة﴾ [النور: ٢٢] الآية أي لا يحلف أولو الفضل منكم أن لا يصلوا قراباتهم المساكين المهاجرين فرجع الصديق إلى مسطح ما كان يصله به من النفقة.
وبه قال:(حدّثنا أبو النعمان محمد بن الفضل) عارم السدوسي قال: (حدّثنا جرير بن حازم) الأزدي قال: (حدّثنا الحسن) البصري قال: (حدّثنا عبد الرَّحمن بن سمرة) بفتح السين المهملة والراء بينهما ميم مضمومة ابن حبيب، وقيل كان اسمه عبد كلال فغيره النبي ﷺ. قال البخاري له: صحبة وكان إسلامه يوم الفتح وشهد غزوة تبوك وافتتح سجستان وغيرها في خلافة عثمان ثم نزل البصرة وليس له في البخاري إلا هذا الحديث ﵁ أنه (قال: قال) لي (النبي ﷺ):
(يا عبد الرَّحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة) بكسر الهمزة مصدر أمر ولا ناهية، وتسأل مجزوم بالنهي والإمارة مفعول به والفاعل مستتر يعود على عبد الرَّحمن وكسرت اللام لالتقاء الساكنين أي لا تسأل الولاية (فإنك إن أوتيتها) الفاء للعطف (عن مسألة) وجواب الشرط قوله (وكلت إليها) بضم الواو وكسر الكاف وسكون اللام يقال وكله إلى نفسه وكلاً ووكولاً وهذا الأمر موكول إليّ ومنه قول النابغة:
كليني لهمّ يا أميمة ناصب … وليل أقاسيه بطيء الكواكب