للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موسى الأشعري) (فقرب إليه طعام فيه لحم دجاج) ليأكل منه (وعنده رجل من بني تيم الله أحمر) اللون (كأنه من الموالي) وتيم بفتح الفوقية وسكون التحتية حي من بني بكر وثبت لفظ بني لأبي ذر عن الحموي والمستملي (فدعاه) أبو موسى (إلى الطعام فقال: إني رأيته) يعني جنس الدجاج (يأكل شيئًا) قذرًا (قذرته) بكسر الذال المعجمة أي كرهت أكله (فحلفت أن لا آكله) وفي الترمذي عن قتادة عن زهدم قال: "دخلت على أبي موسى وهو يأكل دجاجًا فقال: ادن فكل فإني رأيت رسول الله يأكله"، ففيه أن الرجل المبهم هو زهدم نفسه (فقال) له أبو موسى (قم فلأحدثنك) بنون التوكيد أي فوالله لأحدثنك (عن ذاك) ولأبي ذر عن ذلك باللام (إني أتيت رسول الله) ولأبي ذر النبي ( في نفر) جماعة من الرجال ما بين الثلاثة إلى العشرة (من الأشعرين نستحمله) نطلب منه إبلاً تحملنا وأثقالنا (فقال) :

(والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم) زاد أبو ذر عليه (فأتي رسول الله ) بضم الهمزة فأتي (بنهب إبل) إضافة نهب لتاليه أي من غنيمة (فسأل) (عنا فقال أين النفر الأشعريون) فحضرنا (فأمر لنا بخمس ذود) بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة مجرور بالإضافة من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر (غر الذرى) بضم الذال المعجمة وفتح الراء والغر بالغين المعجمة المضمومة وتشديد الراء بيض الأسنمة (فلما انطلقنا) من عنده بها (قلنا ما صنعنا حلف رسول الله لا يحملنا) وللكشميهني أن لا يحملنا (وما عنده ما يحملنا ثم حملنا) بفتحات (تغفلنا) بسكون اللام (رسول الله يمينه) أي طلبنا غفلته في يمينه الذي حلف لا يحملنا (والله لا نفلح أبدًا فرجعنا إليه) (فقلنا له) يا رسول الله وسقط لأبي ذر لفظ له (إنا أتيناك لتحملنا فحلفت أن لا تحملنا وما عندك ما تحملنا فقال: إني لست أنا حملتكم ولكن الله حملكم والله لا أحلف على يمين) على محلوف يمين (فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير) من الذي حلفت عليه (وتحللتها) بالكفارة.

قال في المصابيح: الظاهر أنه لم يحلف على عدم حملانهم مطلقًا لأن مكارم أخلاقه ورأفته ورحمته بالمؤمنين تأبى ذلك، والذي يظهر لي أن قوله: وما عندي ما أحملكم جملة حالية من فاعل الفعل المنفي بلا أو مفعوله أي لا أحملكم في حالة عدم وجداني لشيء أحملكم عليه أي: أنه لا يتكلف حملهم بقرض أو غيره لما رآه من المصلحة المقتضية لذلك فحمله لهم على ما جاءه من مال الله لا يكون مقتضيًا لحنث فيكون قوله: إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها إلى آخره تأسيس قاعدة في الأيمان لا أنه ذكر ذلك لبيان أنه حنث في يمينه وأنه يكفرها اهـ. وفيه بحث يأتي إن شاء الله تعالى في باب اليمين فيما لا يملك.

ومطابقة الحديث للترجمة قال الكرماني: من حيث إنه حلف في هذه القصة مرتين أوّلاً عند الغضب ومرة عند الرضا ولم يحلف إلا بالله، فدلّ على أن الحلف إنما هو بالله على الحالتين وستكون لنا عودة إن شاء الله تعالى بعون الله إلى بقية مباحث هذا الحديث في كفارات الأيمان وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>