للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الراجع إليه لأنه مفهوم كقوله السمن منوان بدرهم وبدأ بذكر ميراث الأولاد لأن تعلق الإنسان بولده أشد التعلقات وبدأ بحظ الذكر، ولم يقل للأنثيين مثل حظ الذكر، أو للأنثى نصف حظ الذكر لفضله كما ضوعف حظه لذلك ولأنهم كانوا يورثون المذكور دون الإِناث وهو السبب لورود الآية فقيل كفى المذكور أن ضوعف لهم نصيب الإناث فلا يتمادى في حظهم حتى يحرمن مع إدلائهن من القرابة بمثل ما يدلون به والمراد به حال الاجتماع أي إذا اجتمع الذكر والأنثيان كان له سهمان كما أن لهما سهمين، وأما في حال الانفراد فالابن يأخذ المال كله والبنتان يأخذان الثلثين والدليل عليه أنه اتبعه حكم الانفراد بقوله (﴿فإن كن نساء﴾) أي فإن كانت الأولاد نساء خلصًا يعني بنات ليس معهن ابن (﴿فوق اثنتين﴾) خبر ثان لكان أو صفة لنساء أي نساء زائدات على ثنتين (﴿فلهن ثلثا ما ترك﴾) أي الميت (﴿وإن كانت واحدة فلها النصف﴾) أي وإن كانت المولودة منفردة. وفي الآية دلالة على أن المال كله للذكر إذا لم يكن معه أنثى لأنه جعل للذكر مثل حظ الأنثيين وقد جعل للأنثى النصف إذا كانت منفردة فعلم أن للذكر في حال الانفراد ضعف النصف وهو الكل والضمير في قوله (﴿ولأبويه﴾) للميت والمراد الأب والأم إلا أنه غلب المذكر (﴿لكل واحد منهما السدس﴾) بدل من أبويه بتكرير العامل وفائدة هذا البدل أنه لو قيل ولأبويه السدس لكان ظاهره اشتراكهما فيه ولو قيل ولأبويه السدسان لأوهم قسمة السدسين عليهما على السوية وعلى خلافها، ولو قيل لكل واحد من أبويه السدس لذهبت فائدة التأكيد وهو التفصيل بعد الإجمال والسدس مبتدأ خبره لأبويه والبدل متوسط بينهما للبيان (﴿مما ترك إن كان له ولد﴾) ذكر أو أنثى (﴿فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث﴾) مما ترك والمعنى وورثه أبواه فحسب لأنه إذا ورثه أبواه مع أحد الزوجين كان للأم ثلث ما يبقى بعد إخراج نصيب الزوج لا ثلث ما ترك لأن الأب أقوى من الأم في الإرث بدليل أن له ضعف حظها إذا خلصا فلو ضرب لها الثلث كاملاً لأدّى إلى حط نصيبه عن نصيبها فإن امرأة لو تركت زوجًا وأبوين فصار للزوج النصف وللأم الثلث والباقي للأب حازت الأم سهمين والأب سهمًا واحدًا فينقلب الحكم إلى أن يكون للأنثى مثل حظ المذكرين (﴿فإن كان له﴾) أي للميت (﴿إخوة فلأمه السدس﴾) إخوة: أعم من أن يكونوا ذكورًا أو إناثًا أو بعضهم ذكورًا وبعضهم إناثًا فهو من باب التغليب والجمهور على أن الأخوة، وإن كان بلفظ الجمع يقعون على الاثنين فيحجب الأخوان أيضًا الأم من الثلث إلى السدس خلافًا لابن عباس ولا يحجب الأخ الواحد (﴿من بعد وصية﴾) متعلق بما سبق من قسمة المواريث كلها لا بما يليه وحده كأنه قيل قسمة هذه الأنصباء من بعد وصية (﴿يوصي بها أو دين﴾). واستشكل بأن الدين مقدم على الوصية في الشرع وقدمت الوصية على الدين في التلاوة، وأجيب: بأن أو لا تدل على الترتيب فتقدير من بعد وصية يوصي بها أو دين من بعد أحد هذين الشيئين الوصية أو الدين ولما كانت الوصية تشبه الميراث لأنها صلة بلا عوض فكان إخراجها مما يشق على الورثة، وكان أداؤها مظنة للتفريط بخلاف الدين قدمت على الدين ليسارعوا إلى إخراجها مع الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>