موضع الإِفتاء ويقال أفتيت فلانًا في رؤيا رآها قال تعالى ﴿يوسف أيها الصدّيق أفتنا في سبع بقرات﴾ [يوسف: ٤٦] ومعنى الإِفتاء إظهار المشكل (﴿قل الله يفتيكم في الكلالة﴾) متعلق بيفتيكم على إعمال الثاني وهو اختيار البصريين ولو أعمل الأول لأضمر في الثاني، وله نظائر في القرآن كقوله تعالى ﴿هاؤم اقرؤوا كتابيه﴾ [الحاقة: ١٩] والكلالة الميت الذي لا ولد له ولا والد وهو قول جمهور اللغويين، وقال به علي وابن مسعود، أو الذي لا والد له فقط وهو قول عمر، أو الذي لا ولد له فقط وهو قول بعضهم أو من لا يرثه أبي ولا أم وعلى هذه الأقوال، فالكلالة اسم للميت وقيل الكلالة اسم للورثة ما عدا الأبوين والولد قاله قطرب، واختاره أبو بكر ﵁ وسموا بذلك لأن الميت بذهاب طرفيه تكلله الورثة أي أحاطوا به من جميع جهاته. وفي المراسيل لأبي داود عن أبي إسحاق عن أبي سلمة بن عبد الرَّحمن جاء رجل فقال: يا رسول الله ما الكلالة؟ قال:"من لم يترك ولدًا ولا والدًا فتوريثه كلالة". وفي مدارك التنزيل كان جابر بن عبد الله مريضًا فعاده رسول الله ﷺ فقال: إني كلالة فكيف أصنع في مالي؟ فنزلت (﴿وإن امرؤ هلك ليس له ولد﴾) رفع على الصفة أي إن هلك امرؤ غير ذي ولد والمراد بالولد الابن وهو مشترك يقع على الذكر والأنثى لأن الابن يسقط الأخت ولا تسقطها البنت (﴿وله أخت﴾) لأبي وأم أو لأب (﴿فلها نصف ما ترك﴾) أي الميت والفاء جواب إن (﴿وهو يرثها﴾) جملة لا محل لها من الإعراب لاستئنافها وهي دالة على جواب الشرط وليست جوابًا خلافًا للكوفيين وأبي زيد والضميران في قوله وهو يرثها عائدان على لفظ امرؤ وأخت دون معناهما فهو من باب قوله:
وكل أناس قاربوا قيد فحلهم … ونحن خلعنا قيده فهو سارب
والهالك: لا يرث فالمعنى وامرؤ آخر غير الهالك يرث أختًا له أخرى (﴿إن لم يكن لها ولد﴾) أي ابن أي أن الأخ يستغرق ميراث الأخت إن لم يكن للأخت ابن فإن كان لها ابن فلا شيء للأخ وإن كان ولدها أنثى فللأخ ما فضل عن فرض البنات وهذا في الأخ للأبوين أو للأب فأما الأخ من الأم فإنه لا يستغرق الميراث ويسقط بالولد (﴿فإن كانتا﴾) أي الأختان يدل عليه قوله وله أخت أي فإن كانت الأختان (﴿اثنتين﴾) أي فصاعدًا (﴿فلهما﴾) أو فلهن (﴿الثلثان مما ترك﴾) أي الميت (﴿وإن كانوا إخوة﴾) أي وإن كان من يرث بالإخوة والمراد بالإخوة الإخوة والأخوات تغليبًا لحكم المذكورة (﴿رجالاً ونساء﴾) ذكورًا وإناثًا (﴿فللذكر﴾) منهم (﴿مثل حظ الأنثيين﴾) حذف منهم لدلالة المعنى عليه (﴿يبين الله لكم﴾) أي الحق فمفعول يبين محذوف (﴿أن تضلوا﴾) مفعول من أجله على حذف مضاف تقديره يبين الله لكم أمر الكلالة كراهة أن تضلوا فيها أي في حكمها هذا تقدير المبرّد. وقال الكسائي والمبرد وغيرهما من الكوفيين: أن لا محذوفة بعد أن والتقدير لئلا تضلوا قالوا وحذف لا شائع ذائع كقوله: