سعد) بسكون العين ابن أبي وقاص (﵁) أنه (قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول):
(من ادعى إلى غير أبيه وهو) أي والحال أنه (يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) إن استحل ذلك أو هو محمول على الزجر والتغليظ للتنفير عنه، واستشكل بأن جماعة من خيار الأمة انتسبوا إلى غير آبائهم كالمقداد بن الأسود إذ هو ابن عمرو. وأجيب: بأن الجاهلية كانوا لا يستنكرون أن يتبنى الرجل غير أبيه الذي خرج من صلبه فينسب إليه ولم يزل ذلك في أول الإسلام حتى نزل ﴿وما جعل أدعياءكم أبناءكم﴾ ونزل: ﴿ادعوهم لآبائهم﴾ [الأحزاب: ٥] فغلب على بعضهم النسب الذي كان يدعى به قبل الإسلام فصار إنما يذكر للتعريف بالأشهر من غير أن يكون من المدعو وتحول عن نسبه الحقيقي فلا يقتضيه الوعيد إذ الوعيد المذكور إنما تعلق بمن انتسب إلى غير أبيه على علم منه بأنه ليس أباه.
وبه قال:(حدّثنا أصبغ) بالصاد المهملة والغين المعجمة بينهما موحدة مفتوحة (ابن الفرج) بالفاء والجيم الفقيه قال ابن معين: كان أعلم خلق الله برأي مالك قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (ابن وهب) عبد الله المصري قال: (أخبرني) بالإفراد (عمرو) بفتح العين ابن الحارث المصري (عن جعفر بن ربيعة) الكندي (عن عراك) بكسر العين المهملة وتخفيف الراء وبعد الألف كاف ابن مالك الغفاري (عن أبي هريرة)﵁(عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه) وانتسب لغيره (فهو كفر) ولأبي ذر عن الكشميهني فقد كفر أي كفر النعمة، فليس المراد الكفر الذي يستحق عليه الخلود في النار بل كفر حق أبيه أي ستر حقه أو المراد التغليظ والتشنيع عليه إعظامًا لذلك، وإلاّ فكل حق شرعي إذا ستر فستره كفر ولم يعبر في كل ستر على حق بهذا اللفظ، وإنما عبّر به في المواضع التي يقصد فيها الذم البليغ وتعظيم الحق الستور.