وسبق في الباب الذي قبل هذا أن في كتاب الوكالة أن في رواية للإسماعيلي جئت بالنعيمان من غير شك، وكذا عند الزبير بن بكار وابن منده بغير شك أيضًا وهو النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري شهد العقبة وبدرًا والمشاهد كلها، وكان كثير المزاح يضحك النبي ﷺ من مزاحه وهو صاحب سويبط بن حرملة فقال يومًا له: لأغيظنك فجاء إلى أناس جلبوا ظهرًا فقال: ابتاعوا منا غلامًا عربيًّا فارهًا وهو ذو لسان، ولعله يقول: أنا حرّ فإن كنتم تاركيه لذلك فدعوه لا تفسدوا عليّ غلامي فقالوا بل نبتاعه منك بعشر قلائص فأقبل بها يسوقها وأقبل بالقوم حتى عقلوه ثم قال: دونكم هذا هو فجاء القوم فقالوا قد اشتريناك فقال سويبط: هو كاذب أنا رجل حرّ فقالوا قد أخبرنا خبرك فطرحوا الحبل في رقبته وذهبوا به وجاء أبو بكر فأخبر به فذهب هو وأصحاب له فردوا القلائص وأخذوه، فلما عادوا إلى النبي ﷺ وأخبروه الخبر ضحك النبي ﷺ وأصحابه حولاً.
وروي أنه جاء أعرابي إلى رسول الله ﷺ فدخل المسجد وأناخ ناقته بفنائه فقال بعض أصحاب النبي ﷺ لنعيمان لو نحرتها فأكلناها فإنا قد قرمنا إلى اللحم ويغرم رسول الله ﷺ ثمنها قال: فنحرها نعيمان ثم خرج الأعرابي فصاح به واعقرياه يا محمد، فخرج النبي ﷺ فقال "من فعل هذا": قالوا نعيمان فأتبعه يسأل عنه فوجدوه في دار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب مستخفيًا فأشار إليه رجل ورفع صوته يقول: ما رأيته يا رسول الله وأشار بإصبعه حيث هو فأخرجه رسول الله ﷺ فقال له: "ما حملك على هذا"؟ قال: الذين دلوك عليّ يا رسول الله هم الدين أمروا فجعل رسول الله ﷺ يمسح وجهه ويضحك وغرم ثمنها وكان يشرب الخمر فلما كثر ذلك منه قال له رجل من أصحاب النبي ﷺ لعنك الله فقال النبي ﷺ: "لا تفعل فإنه يحب الله ورسوله".
وبه قال:(حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم الفراهيدي البصري قال: (حدّثنا هشام) الدستوائي قال: (حدّثنا قتادة) بن دعامة السدوسي (عن أنس)﵁ أنه (قال: جلد النبي ﷺ في الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر)﵁(أربعين) ولا منافاة بين قوله ضرب وجلد لأن المراد من قوله جلد ضرب فأصاب جلده وليس المراد ضربه بالجلد.