بها عند الله وقلنا فتيا نبي من أنبيائك قال: فأتوا النبي ﷺ وهو جالس في المسجد في أصحابه فقالوا: يا أبا القاسم ما ترى في رجل وامرأة منهم زنيا (فقال لهم رسول الله ﷺ):
(ما تجدون في التوراة) ما مبتدأ من أسماء الاستفهام وتجدون جملة في محل الخبر والمبتدأ والخبر معمول للقول وتقدير الاستفهام أي شيء تجدونه في التوراة فيتعلق حرف الجر بمفعول ثان لتجدون (في شأن الرجم) إنما سألهم إلزامًا لهم بما يعتقدونه في كتابهم الموافق لحكم الإسلام إقامة للحجة عليهم. وإظهارًا لما كتموه وبدّلوه من حكم التوراة فأرادوا تعطيل نصّها ففضحهم الله وذلك إما بوحي من الله إليه أنه موجود في التوراة لم يغير وإما بإخبار من أسلم منهم كعبد الله بن سلام كما يأتي (فقالوا: نفضحهم ويجلدون) بفتح النون والمعجمة بينهما فاء ساكنة أي نجد أن نفضحهم ويجلدوا فيكون نفضحهم معمولاً على الحكاية لنجد المقدّر أي ادعوا أن ذلك في التوراة على زعمهم وهم كاذبون، ويحتمل أن يكون ذلك مما فسروا به التوراة ويكون مقطوعًا عن الجواب أي الحكم عندنا أن نفضحهم ويجلدوا فيكون خبر مبتدأ محذوف بتقدير أن وإنما أتى بأحد الفعلين مبنيًّا للفاعل والآخر مبنيًّا للمفعول إشارة إلى أن الفضيحة موكولة إليهم إلى اجتهادهم أي نكشف مساوئهم، وفي رواية أيوب عن نافع في التوحيد قالوا: نسخم وجوههما ونخزيهما. وفي رواية عبيد الله بن عمر قالوا: نسوّد وجوههما ونحممهما ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما.
(قال عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام (كذبتم إن فيها الرجم) فائتوا بالتوراة (فأتوا بالتوراة فنشروها) أي فتحوا التوراة وبسطوا (فوضع أحدهم) هو عبد الله بن صوريا (يده على آية الرجم) منها (فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم) وقد وقع بيان ما في التوراة من آية الرجم في رواية أبي هريرة ولفظه: المحصن والمحصنة إذا زنيا فقامت عليهما البيّنة رجما وإن كانت المرأة حبلى تربّص بها حتى تضع ما في بطنها. وعند أبي داود من حديث جابر: إنا نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما. زاد البزار من هذا الوجه فإن وجدوا الرجل مع المرأة في بيت أو في ثوب أو على بطها فهي ريبة وفيها عقوبة (قالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم) وفي رواية البزار قال يعني النبي ﷺ: فما منعكم أن ترجموهما؟ قالوا: ذهب سلطاننا فكرهنا القتل، وفي حديث البراء نجد الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحدّ فقلنا تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم (فأمر بهما) بالزانيين (رسول الله ﷺ فرجما) قال ابن عمر (فرأيت الرجل يحني) بفتح التحتية وسكون الحاء المهملة وكسر النون بعدها تحتية والرؤية بصرية فيكون يحني في موضع الحال وقوله (على المرأة) يتعلق به أي يعطف عليها (يقيها الحجارة) يحتمل أن تكون الجملة بدلاً من يحني أو حالاً أخرى وأل في الحجارة للعهد أي حجارة الرمي، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني: يجنأ بجيم بدل الحاء المهملة وفتح النون بعدها همزة. قال ابن دقيق العيد: إنه الراجح في الرواية أي