سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً فدفنه (وقالوا) أي النفر (للذي) أي لأهل خيبر الذين (وجد) بضم الواو وكسر الجيم (فيهم) عبد الله بن سهل قتيلاً: (قتلتم) ولأبي ذر عن الحموي قد قتلتم (صاحبنا) وقوله للذي بحذف النون فهو كقوله تعالى: ﴿وخضتم كالذي خاضوا﴾ [التوبة: ٦٩](قالوا) أي أهل خيبر: (ما قتلنا) صاحبكم (ولا علمنا قاتلاً) له (فانطلقوا) أي عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابنا مسعود (إلى النبي) ولأبي ذر رسول الله (ﷺ فقالوا: يا رسول الله انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا) فيها (قتيلاً) وفي الأحكام وأقبل أي محيصة هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن بن سهل فذهب ليتكلم وهو الذي كان بخيبر وفي رواية يحيى بن سعيد فبدأ عبد الرحمن يتكلم وكان أصغر القوم وزاد حماد بن زيد عن يحيى عند مسلم في أمر أخيه (فقال)ﷺ:
(الكبر الكبر) بضم الكاف وسكون الموحدة والنصب فيهما على الإغراء وفي رواية الليث عند مسلم فسكت وتكلم صاحباه وتكرير الكبر للتأكيد أي ليبدأ الأكبر بالكلام أو قدموا الأكبر إرشادًا إلى الأدب في تقديم الأسن وحقيقة الدعوى إنما هي لعبد الرحمن أخي القتيل لاحق فيها لابني عمه، وإنما أمر ﷺ أن يتكلم الأكبر وهو حويصة لأنه لم يكن المراد بكلامه حقيقة الدعوى بل سماع صورة القصة وعند الدعوى يدّعي المستحق أو المعنى ليكن الكبير وكيلاً له (فقال)ﷺ(لهم) أي للثلاثة: (تأتون) بفتح النون من غير تحتية ولأبي ذر عن المستملي تأتوني (بالبينة على من قتله قالوا: ما لنا بيّنة). وعند النسائي من طريق عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه وإن ابن محيصة الأصغر أصبح قتيلاً على أبواب خيبر فقال رسول الله ﷺ في:"أقم شاهدين على قتله أدفعه إليك برمته" قال: يا رسول الله إني أصيب شاهدين وإنما أصبح قتيلاً على أبوابهم، وقول بعضهم إن ذكر البيّنة وهم لأنه ﷺ قد علم أن خيبر حينئذٍ لم يكن بها أحد من المسلمين أجيب عنه بأنه وإن سلم أنه لم يسكن مع اليهود فيها من المسلمين أحد لكن في القصة أن جماعة من المسلمين خرجوا يمتارون تمرًا فيجوز أن تكون طائفة أخرى خرجوا لمثل ذلك.
فإن قلت: كيف عرضت اليمين على الثلاثة والوارث هو عبد الرحمن خاصة واليمين عليه؟ أجيب: بأنه إنما أطلق الجواب لأنه غير ملبس أن المراد به الوارث فكما سمع كلام الجميع في صورة القتل وكيفيته كذلك أجابهم الجميع.
(قال)ﷺ: (فيحلفون) أي اليهود أنهم ما قتلوه وفي رواية ابن عيينة عن يحيى تبرئكم يهود بخمسين يحلفون أي يخلصونكم من الأيمان بأن تحلفوهم فإذا حلفوا انتهت الخصومة فلم يجب عليهم شيء وخلصتم أنتم من الأيمان وفيه البداءة بالمدعى عليهم (قالوا): يا رسول الله (لا نرضى بأيمان اليهود) وفي رواية يحيى أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم بأيمان خمسين منكم، فيحتمل أنه ﷺ طلب البيّنة أولاً فلم يكن لهم بيّنة فعرض عليهم الأيمان فامتنعوا فعرض عليهم تحليف المدعى عليهم فأبوا، وقد سقط من رواية حديث الباب تبدئة المدعين باليمين واشتملت رواية يحيى بن سعيد على زيادة من ثقة حافظ فوجب قبولها وهي تقضي على من لم يعرفها وإلى البداءة بالمدعين ذهب الشافعي وأحمد فإن أبوا ردت على المدعى عليهم وقال بعكسه