(وذكر) مبني للمفعول (أن أم سليم) والدة أنس ولأبي ذر أن أم سلمة هند زوج النبي ﷺ(بعثت إلى معلم الكُتّاب) بكسر اللام المشددة وللنسفي إلى معلم كتاب بضم الكاف وتشديد الفوقية فيهما. قال الجوهري: الكُتَّاب الكتبة (ابعث إلي) بتشديد الياء (غلمانًا) أي يبلغوا الحلم (ينفشون صوفًا) بضم الفاء والشن المعجمة (ولا تبعث إلي حرًّا) بتشديد الياء أيضًا. قال في الكواكب: لعل غرضها من منع بعث الحر التزام الجبر وإيصال العوض لأنه على تقدير هلاكه في ذلك العمل لا تضمنه بخلاف العبد فإن الضمان عليها لو هلك به، وفي الفتح: وإنما خصت أم سلمة العبيد لأن العرف جرى برضا السادة باستخدام عبيدهم في الأمر اليسير الذي لا مشقة فيه بخلاف الأحرار، وهذا الأثر وصله الثوري في جامعه وعبد الرزاق في مصنفه عنه عن محمد بن المنكدر عن أم سلمة. قال في الفتح: وكأنه منقطع بين ابن المنكدر وأمّ سلمة ولذلك لم يجزم به البخاري فذكره بصيغة التمريض.
وبه قال:(حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (عمرو بن زرارة) بفتح العين في الأوّل وضم الزاي بعدها راءان بينهما ألف آخره هاء تأنيث في الثاني النيسابوري قال: (أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا (إسماعيل بن إبراهيم) هو ابن علية (عن عبد العزيز) بن صهيب (عن أنس)﵁ أنه (قال: لما قدم رسول الله ﷺ المدينة) من مكة مهاجرًا وليس له خادم يخدمه (أخذ أبو طلحة) زيد بن سهل الأنصاري زوج أم سليم والدة أنس (بيدي فانطلق بي إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إن أنسًا غلام كيس) أي عاقل (فليخدمك) بسكون اللام والجزم على الطلب (قال) أنس (فخدمته)ﷺ(في الحضر والسفر فوالله ما قال لي لشيء صنعته لم صنعت هذا هكذا، ولا لشيء لم أصنعه لم لم تصنع هذا هكذا) أي لم يعترض عليه لا في فعل ولا ترك ففيه حسن خلقه ﷺ أنه لعلى خلق عظيم واعلم أن ترك اعتراضه ﷺ على أنس ﵁ إنما هو فيما يتعلق بالخدمة والآداب لا فيما يتعلق بالتكاليف الشرعية فإنه لا يجوز ترك الاعتراض فيها.
ومطابقة ذلك للترجمة من جهة أن الخدمة مستلزمة للاستعانة أو اعتمد على ما في سائر الروايات أنه ﷺ قال له: التمس لي غلامًا يخدمني، وقد كان أنس في كفالة أمه فأحضرته إلى النبي ﷺ وكان زوجها معها فنسب الإحضار إليها تارة وإليه أخرى، وهذا صدر من أم سليم أوّل قدومه ﷺ المدينة. وكانت لأبي طلحة في إحضاره أنسًا قصة أخرى وذلك عند إرادته ﷺ الخروج إلى خيبر كما سبق في المغازي.