(﴿وشهدوا أن الرسول حق﴾) للحال وقد مضمرة أي كفروا وقد شهدوا أن الرسول أي محمدًا حق أو للعطف على ما في إيمانهم من معنى الفعل لأن معناه بعد أن آمنوا (﴿وجاءهم البينات﴾) أي الشواهد كالقرآن وسائر المعجزات (﴿والله لا يهدي القوم الظالمين﴾) ما داموا مختارين الكفر أو لا يهديهم طريق الجنة إذا ماتوا على الكفر (﴿أولئك﴾) مبتدأ (﴿جزاؤهم﴾) مبتدأ ثان خبره (﴿أن عليهم لعنة الله﴾) وهما خبر أولئك أو جزاؤهم بدل اشتمال من أولئك (﴿والملائكة والناس أجمعين خالدين﴾) حال من الهاء والميم في عليهم (﴿فيها﴾) في اللعنة أو العقوبة أو النار وإن لم يجر ذكرهما لدلالة الكلام عليهما وهو يدل بمنطوقة على جواز لعنهم وبمفهومه ينفي جواز لعن غيرهم ولعل الفرق أنهم مطبوعون على الكفر ممنوعون من الهدى مأيوسون من الرحمة بخلاف غيرهم والمراد بالناس المؤمنون أو العموم فإن الكافر أيضًا يلعن منكر الحق والمرتدّ عنه ولكن لا يعرف الحق بعينه قاله القاضي: (﴿لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك﴾) الارتداد (﴿وأصلحوا﴾) ما أفسدوا أو دخلوا في الصلاح (﴿فإن الله غفور﴾) لكفرهم (﴿رحيم﴾) بهم (﴿إن الذين كفروا﴾) بعيسى والإنجيل (﴿بعد إيمانهم﴾) بموسى والتوراة (﴿ثم ازدادوا كفرًا﴾) بمحمد والقرآن أو كفروا بمحمد بعدما كانوا به مؤمنين قبل مبعثه ثم ازدادوا كفرًا بإصرارهم على ذلك وطعنهم فيه في كل وقت أو نزلت في الذين ارتدّوا ولحقوا بمكة وازديادهم الكفر أن قالوا نقيم بمكة نتربص بمحمد ريب المنون (﴿لن تقبل توبتهم﴾) إيمانهم لأنهم لا يتوبون أو لا يتوبون إلا إذا أشرفوا على الهلاك فكنى عن عدم توبتهم بعدم قبولها (﴿وأولئك هم الضالون﴾) الثابتون على الضلال وسقط لأبي ذر من قوله: (﴿وجاءهم بالبينات﴾) إلى آخر قوله: (﴿الضالون﴾) وقال بعد قوله: (﴿حق﴾) إلى قوله: (﴿غفور رحيم﴾).
(وقال) جل وعلا: (﴿يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقًا من الذين أوتوا الكتاب﴾) التوراة (﴿يردوكم بعد إيمانكم﴾) بمحمد ﷺ(﴿كافرين﴾)[آل عمران: ١٠٠] وفيها إشارة إلى التحذير عن مصادقة أهل الكتاب إذ لا يؤمنون أن يفتنوا مَن صادقهم عن دينه.
(وقال) تعالى: (﴿إن الذين آمنوا﴾) بموسى (﴿ثم كفروا﴾) حين عبدوا العجل (﴿ثم آمنوا﴾) بموسى بعد عوده (﴿ثم كفروا﴾) بعيسى (﴿ثم ازدادوا كفرًا﴾) بكفرهم بمحمد ﷺ(﴿لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً﴾)[النساء: ١٣٧] إلى النجاة أو إلى الجنة أو هم المنافقون آمنوا في الظاهر وكفروا في السر مرة بعد أخرى وازدياد الكفر منهم ثباتهم عليه إلى الموت وسقط من قوله: (﴿ثم آمنوا﴾) إلى آخر الآية. وقال بعد (﴿ثم كفروا﴾) إلى (﴿سبيلاً﴾).
(وقال) تعالى (﴿من يرتدّ﴾) بتشديد الدال بالإدغام تخفيفًا ولأبي ذر من يرتدد بالإظهار على الأصل وامتنع الإدغام للجزم وهي قراءة نافع وابن عامر (﴿منكم عن دينه﴾) من يرجع منكم عن دين الإسلام إلى ما كان عليه من الكفر (﴿فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه﴾) قيل هم أهل