للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: قلت: المرأة والحمار الحديث. وعند ابن عبد البر من رواية القاسم قال: بلغ عائشة أن أبا هريرة يقول: إن المرأة تقطع الصلاة.

فإن قلت: كيف أنكرت على من ذكر المرأة مع الحمار والكلب فيما يقطع الصلاة وهي قد روت الحديث عن النبي كما رآه الإمام أحمد بلفظ: لا يقطع صلاة المسلم شيء إلا الحمار والكافر والكلب والمرأة فقالت عائشة: يا رسول الله لقد قرنًا بذوات سوء. أجيب؟ بأنها لم تنكر ورود الحديث ولم تكن تكذب أبا هريرة، وإنما أنكرت كودة الحكم باقيًا. هكذا فلعلها كانت ترى نسخه، ولذا قالت :

(والله لقد رأيت النبي) وللأصيلي رسول الله ( يصلّي وإني) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي

وأنا (على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة) بالرفع خبر لقولها وأنا المبتدأ المقدّر، وعلى هذا التقدير تكون الجملة هذه حالية، وفي رواية بالنصب حال من عائشة، والوجهات في اليونينية، وصحّح على النصب ورقم على الكلمة علامة أبي ذر (فتبدو) أي تظهر (لي الحاجة فأكره أن أجلس) مستقبلة رسول الله ، (فأوذي النبى فأنسلّ) بالرفع عطفًا على فأكره أي فأمضي بتأنٍّ وتدريج (من عند رجليه) وإذا كانت المرأة لا تقطع الصلاة مع أن النفوس جبلت على الاشتغال بها فغيرها من الكلب والحمار وغيرهما كذلك بل أولى. نعم رأى القطع بالثلاثة قوم لحديث أبي ذر عند مسلم: يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود، وكذا حديث أبي داود وابن ماجة، وفيه تقييد المرأة بالحائض وأباه مالك والشافعي والأكثرون. وقال الإمام أحمد: يقطعها الكلب الأسود لنص الحديث وعدم المعارض، وفي قلبي من المرأة والحمار شيء لوجود المعارض وهو صلاته إلى أزواجه، ومن رأى القطع بها علّل بأن الجميع في معنى الشيطان الكلب بنص حديث أبي ذر المذكور والمرأة من جهة أنها تقبل في صورة شيطان وتدبر كذلك وأنها من حبائله، والحمار لما جاء من اختصاص الشيطان به في قصة نوح في السفينة، واحتج الأكثرون بحديث: لا يقطع الصلاة شيء،

وحملوا القطع في حديث أبي ذر وابن عباس على المبالغة في خوف الإفساد بالشغل بها.

فإن قلت: تمسك الأكثرين بحديث: لا يقطع الصلاة شيء لا يحسن لأنه مطلق، وحديث الثلاثة مقيد، والمقيد يقضي على المطلق. أجيب: بأنه ورد ما يقضي على هذا المقيد، وهو صلاته إلى أزواجه وهنّ في قبلته.

ومال الطحاوي وغيره إلى أن صلاته إلى أزواجه ناسخة لحديث أبي ذر وما وافقه، وعورض بأن النسخ لا يصار إليه إلاّ إذا علم التاريخ وتعذر الجمع والتاريخ هنا لم يتحقق والجمع لم يتعذر وأجيب: بأن ابن عمر بعد ما روى أن المرور يقطع. قال: لا يقطع صلاة المسلم شيء فلو لم يثبت عنده نسخ ذلك لم يقل ذلك، وكذلك ابن عباس أحد الرواة للقطع روي عنه حمله على الكراهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>