هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا غصب) رجل (جارية) لغيره فادّعى عليه أنه غصبها (فزعم أنها ماتت فقضي) عليه بضم القاف وكسر المعجمة أي فقضى الحاكم عليه (بقيمة البخارية الميتة) في زعمه (ثم وجدها صاحبها) الذي غصبت منه حيّة (فهي له وتردّ القيمة) التي حكم له بها على الغاصب (ولا تكون القيمة ثمنًا) لها لأنه وإنما أخذها لزعمه هلاكها فإذا تبين بطلانه رجع الحكم إلى الأصل.
(وقال بعض الناس): أي الإمام الأعظم أبو حنيفة ﵀(الجارية) المذكورة (للغاصب لأخذه) أي لأخذ مالكها (القيمة) عنها من الغاصب. قال البخاري:(وفي هذا احتيال لمن اشتهى جارية رجل لا يبيعها فغصبها) منه (واعتل) احتج (بأنها ماتت حتى يأخذ ربها) مالكها (قيمتها فيطيب) بفتح التحتية بعد الفاء وكسر الطاء المهملة وسكون التحتية أو بضم ففتح وفتح بتشديد فيحل (للغاصب) بذلك (جارية غيره) وكذا في مأكول أو غيره ادّعى فساده أو حيوان مأكول ذبحه، ثم استدلّ البخاري لبطلان ذلك بقوله:
(قل النبي ﷺ): فيما وصله مطولاً في أواخر الحج (أموالكم عليكم حرام) قال في الكواكب فإن قلت: مقابلة الجمع بالجمع تفيد التوزيع فيلزم أن يكون مال كل شخص حرامًا عليه. ثم أجاب بأنه كقولهم بنو تميم قتلوا أنفسهم أي قتل بعضهم بعضًا فهو مجاز للقرينة الصارفة عن ظاهرها كما علم من القواعد الشرعية، وأجاب العيني: بأن معنى أموالكم عليم حرام إذا لم يوجد التراضي وهاهنا قد وجد بأخذ الغاصب القيمة (و) قال ﷺ فيما وصله في هذا الباب و (لكل غادر) بالغين المعجمة والدال المهملة (لواء يوم القيامة) وأجاب العيني أيضًا بأنه لا يقال للغاصب في اللغة غادر لأن الغدر ترك الوفاء والغصب أخذ الشيء قهرًا وعدوانًا وقول الغاصب ماتت كذب وأخذ المالك القيمة رضا.
وبه قال:(حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر ﵄ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(لكل غادر لواء يوم القيامة) أي علم (يعرف به) ولا ريب أن الاعتلال الصادر من الغاصب أن الجارية ماتت غدر وخيانة في حق أخيه المسلم، وقال ابن بطال: خالف أبا حنيفة الجمهور في ذلك، واحتج هو بأنه لا يجمع الشيء وبدله في مال شخص واحد، واحتج الجمهور بأنه لا يحل