معوجة (يقبلا بي) بضم التحتية وسكون القاف وكسر الموحدة وبعد اللام ألف موحدة فتحتية من الإقبال ضد الإدبار ولأبي ذر وابن عساكر يقبلان بي (إلى جهنم وأنا بينهما أدعو الله. اللهم أعوذ) وللأصيلي إني أعوذ (بك من جهنم، ثم أراني) بضم الهمزة (لقيني ملك في يده مقمعة من حديد فقال) لي (لن تراع) نصب بلن وللأصيلي وأبي ذر عن الحموي والمستملي لم ترع جزم بلم بالميم أي لم تفزع، وليس المراد أنه لم يقع له فزع بل لما كان الذي فزع منه لم يستمر فكأنه لم يفزع وعلى الأول فالمراد أنك لا روع عليك بعد ذلك (نعم الرجل أنت لو تكثر) ولأبي ذر عن الكشميهني لو كنت تكثر (الصلاة فانطلقوا بي حتى وقفوا بي على شفير جهنم فإذا هي مطوية كطي البئر) ولأبي ذر: حتى وقفوا وجهنم مطوية فأسقط بي على شفير وقوله فإذا هي وزادوا ويقبل جهنم (له) ولأبي ذر عن الكشميهني لها بضمير المؤنث (قرون كقارون البئر) وهي جوانبها التي تبنى من حجر توضع عليها الخشبة التي فيها البكرة والعادة لكل بئر قرنان (بين كل قرنين ملك بيده مقمعة من حديد وأرى) بفتح الهمزة (فيها) في جهنم (رجالاً معلقين) بفتح اللام المشدّدة (بالسلاسل رؤوسهم أسفلهم) أي منكسين (عرفت فيها رجالاً من قريش) قال في الفتح: لم أقف في شيء من الطرق على تسمية أحد منهم (فانصرفوا) أي الملائكة (بي ذات اليمين) أي عن جهة اليمين.
(فقصصتها) بعد أن استيقظت من منامي (على حفصة) بنت عمر أم المؤمنين ﵄(فقصتها حفصة على رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ):
(إن عبد الله) أي ابن عمر (رجل صالح) زاد أبو ذر عن الكشميهني لو كان يصلّي من الليل (فقال) ولابن عساكر قال (نافع) مولى ابن عمر (لم) ولأبي ذر: فلم (يزل بعد ذلك) عبد الله بن عمر (يكثر الصلاة) قال ابن بطال: في هذا الحديث أن بعض الرؤيا لا يحتاج إلى تفسير وإن ما فسر في النوم فهو تفسيره في اليقظة لأن النبي ﷺ لم يزد في تفسير قول الملك. نعم الرجل أنت لو كنت تكثر الصلاة، وفيه أن أصل التعبير من قبل الأنبياء، ولذا تمنى ابن عمر أن يرى رؤيا فيعبرها له النبي ﷺ ليكون ذلك عنده أصلاً، وأصل العبير توقيف من قبل الأنبياء ﵈ لكن الوارد عنهم في ذلك وإن كان أصلاً فلا يعم جميع المرئي فلا بد للحاذق في هذا الفن أن يستدل بحسن نظره فيردّ ما لم ينص عليه إلى حكم التمثيل ويحكم له بحكم التشبيه الصحيح فيجعل أصلاً يلتحق به غيره كما يفعل الفقيه في فروع الفقه اهـ.
وقال أبو سهل عيسى بن يحيى المسيحي الفيلسوف العابر: اعلم أن لكل علم أصولاً لا تتغير وأقيسة مطردة لا تضطرب إلا تعبيرًا لرؤيا فإنه يختلف باختلاف أحوال الناس وهيئاتهم وصناعاتهم ومراتبهم ومقاصدهم ومللهم وأديانهم ونحلهم ومذاهبهم وعاداتهم وربما يؤخذ تعبير الرؤيا من الأمثال والأشباه والعكوس والأضداد وكل صاحب صناعة وعلم فإنه يستغني بآلات