للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نعمة من نعم الله على أهل الجنة وكذلك كانت على بني إسرائيل وكذلك كان تظله الغمامة قبل نبوته وكذلك الإسلام يقي الأذى وينعم به المؤمن في الدنيا والآخرة (وأما الذي ينطف من العسل والسمن فالقرآن حلاوته تنطف) قال تعالى في العسل: ﴿شفاء للناس﴾ [النحل: ٦٩] وفي القرآن: ﴿شفاء لما في الصدور﴾ [يونس: ٥٧] ولا ريب أن تلاوة القرآن تحلو في الأسماع كحلاوة العسل في المذاق بل أحلى (فالمستكثر من القرآن والمستقل) منه (وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله) أي يرفعك به (ثم يأخد به رجل من بعدك فيعلو به) فسّر بالصديق لأنه يقوم بالحق بعده في أمته (ثم يأخذ رجل) ولأبي ذر يأخذ به رجل (آخر) هو عمر بن الخطاب (فيعلو به ثم يأخذ) ولأبي ذر عن الكشميهني ثم يأخذ به (رجل آخر) هو عثمان بن عفان (فينقطع به ثم يوصل) بالتخفيف والذي في اليونينية ثم يوصل (له فيعلو به) يعني أن عثمان كاد أن ينقطع عن اللحاق بصاحبيه بسبب ما وقع له من تلك القضايا التي أنكروها فعبر عنها بانقطاع الحبل ثم وقعت له الشهادة فاتصل فالتحق بهم (فأخبرني) بكسر الموحدة وسكون الراء (يا رسول الله بأبي أنت) مفدي (أصبت) في هذا التعبير (أم أخطأت؟ قال النبي ) له (أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا) قيل خطؤه في التعبير لكونه عبّر بحضوره إذا كان أحق بتعبيرها، وقيل أخطأ لمبادرته تعبيرها قبل أن يأمره به، وتعقب بأنه أذن له في ذلك وقال اعبرها.

وأجيب: بأنه لم يأذن له ابتداء بل بادر هو بالسؤال أن يأذن له في تعبيرها فأذن له، وقال: أخطأت في مبادرتك للسؤال أن تتولى تعبيرها، لكن في إطلاق الخطأ على ذلك نظر فالظاهر أنه أراد الخطأ في التعبير لا لكونه التمس التعبير.

قال ابن هبيرة: إنما أخطأ لكونه أقسم ليعبرنها بحضرته ولو كان أخطأ في التعبير لم يقرّه عليه وقيل: أخطأ لكونه عبّر السمن والعسل بالقرآن فقط وهما شيئان كان من حقه أن يعبرهما بالقرآن والسنّة لأنها بيان للكتاب المنزّل عليه وبهما تتم الأحكام كتمام اللذة بهما، وقيل وجه الخطأ أن الصواب في التعبير أن الرسول هو الظلة، والسمن والعسل القرآن والسُّنّة، وقيل: يحتمل أن يكون السمن والعسل العلم والعمل وقيل الفهم والحفظ. وتعقب ذلك في المصابيح فقال: لا يكاد ينقضي العجب من هؤلاء الذين تعرضوا إلى تبيين الخطأ في هذه الواقعة مع سكوت النبي عن ذلك وامتناعه منه بعد سؤال أبي بكر له في ذلك حيث (قال: فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت) في وثبت قوله يا رسول الله لأبي ذر وابن عساكر (قال) : (لا تقسم) فكيف لا يسع هؤلاء من السكوت ما وسع النبي وماذا يترتب على ذلك من الفائدة فالسكوت عن ذلك هو المتعين اهـ.

وحكى ابن العربي أن بعضهم سئل عن بيان الوجه الذي أخطأ فيه أبو بكر فقال: من الذي يعرفه؟ ولئن كان تقدم أبي بكر بين يدي النبي للتعبير خطأ فالتقدم بين يدي أبي بكر لتعيين

<<  <  ج: ص:  >  >>