وإما جواب قسم محذوف كقراءة من قرأ لتصيبن وإن اختلفا في المعنى، ويحتمل أن يكون نهيًا بعد الأمر باتقاء الذنب عن التعرض للظلم فإن وباله يصيب الظالم خاصة ويعود عليه ومن في منكم على الوجه الأول للتبعيض وعلى الأخيرين للتبيين، وفائدته التنبيه على أن الظلم منكم أقبح من غيركم قاله في أسرار التنزيل.
وروى أحمد والبزار من طريق مطرف بن عبد الله بن الشخير قال قلنا للزبير يعني في قصة الجمل يا أبا عبد الله ما جاء بكم ضيعتم الخليفة الذي قتل يعني عثمان بالمدينة ثم جئتم تطلبون بدمه يعني بالبصرة؟ فقال الزبير: إنّا قرأنا على عهد رسول الله ﷺ ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذي ظلموا منكم خاصة﴾ [الأنفال: ٢٥] لم نكن نحسب أنّا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت. وعند أحمد بسند حسن من حديث عدي بن عميرة سمعت رسول الله ﷺ يقول:"إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة"(و) بيان (ما كان النبي ﷺ يحذر) بتشديد المعجمة (من الفتن) في أحاديث الباب وغيره المتضمنة للوعيد على التبديل والأحداث لأن الفتن غالبًا إنما تنشأ عن ذلك.
وبه قال:(حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا بشر بن السريّ) بكسر الموحدة وسكون المعجمة والسري بفتح السين المهملة وكسر الراء وتشديد التحتية البصري سكن مكة وكان يلقب بالأفوه قال: (حدّثنا نافع بن عمر) بن عبد الله القرشي المكي (عن ابن أبي مليكة) عبد الله واسم أبي مليكة زهير أنه (قال: قالت أسماء) بنت أبي بكر الصديق ﵄(عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(أنا على حوضي) يوم القيامة (أنتظر من يرد عليّ) بتشديد الياء أي من يحضرني ليشرب (فيؤخذ بناس من دوني) أي بالقرب مني (فأقول: أمتي) وفي باب الحوض من الرقاق فأقول يا رب مني ومن أمتي (فيقول) أي فيقول الله ولأبي ذر وابن عساكر فيقال (لا تدري) يا محمد (مشوا على القهقرى) بفتح القافين بينهما هاء ساكنة مقصور الرجوع إلى خلف أي رجعوا الرجوع المعروف بالقهقرى أي ارتدّوا عما كانوا عليه.
(قال ابن أبي مليكة) عبد الله بالسند السابق: (اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع) أي نرتدّ (على أعقابنا أو نفتن) زاد في باب الحوض عن ديننا.