ولكن) التي أسألك عنها الفتنة (التي تموج كموج البحر) تضطرب كاضطرابه عند هيجانه كناية عن شدة المخاصمة وما ينشأ عن ذلك من المشاتمة والمقاتلة وفيه دليل على جواز إطلاق اللفظ العام وإرادة الخاص إذ تبين أن عمر لم يسأل إلا عن فتنة مخصوصة، وفي رواية ربعي بن حراش عن حذيفة عند الطبراني فقال حذيفة: سمعته يقول: يأتي بعدي فتن كموج البحر يدفع بعضها بعضًا ويؤخذ منها كما في الفتح جهة التشبيه بالموج وأنه ليس المراد منه الكثرة فقط (فقال) حذيفة لعمر ﵁: (ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابًا مغلقًا) بضم الميم وسكون المعجمة وفتح اللام بالنصب صفة لبابًا أي لا يخرج شيء منها في حياتك. قال ابن المنير: آثر حذيفة الحرص على حفظ السر فلم يصرح لعمر ﵁ بما سأل عنه وإنما كنى عنه كناية وكأنه كان مأذونًا له في مثل ذلك، وقال ابن بطال: وإنما عدل حذيفة حين سأله عمر عن الإخبار بالفتنة الكبرى إلى الإخبار بالفتنة الخاصة لئلا يغمه ويشغل باله ومن ثم قال له: إن بينك وبينها بابًا مغلقًا ولم يقل له أنت الباب وهو يعلم أنه الباب فعرّض له بما أفهمه ولم يصرح وذلك من حسن أدبه. (قال عمر)﵁ مستفهمًا لحذيفة (أيكسر الباب أم يفتح؟ قال) حذيفة (بل) ولأبي ذر عن الكشميهني لا بل (يكسر. قال عمر: إذًا) بالتنوين أي إن انكسر (لا يغلق) نصب بإذا (أبدًا) وفي الصيام ذاك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة ويحتمل أن يكون كنى عن الموت بالفتح وعن القتل بالكسر. قال حذيفة (قلت: أجل) بالجيم واللام المخففة. نعم قال شقيق (قلنا لحذيفة أكان عمر يعلم الباب؟ قال) حذيفة: (نعم) كان يعلمه (كما أعلم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي يعلم (أن دون غد ليلة) أي أعلمه علمًا ضروريًّا مثل هذا (وذلك أني حدّثته حديثًا ليس بالأغاليط) جمع أغلوطة بالغين المعجمة والطاء المهملة ما يغالطه أي حدّثته حديثًا صدقًا محققًا من حديثه ﷺ لا عن اجتهاد ولا عن رأي. قال شقيق (فهبنا) فخفنا (أن نسأله) أن نسأل حذيفة (من الباب) أي من هو الباب (فأمرنا) بسكون الراء (مسروقًا) هو ابن الأجدع أن يسأله (فسأله فقال): أي مسروق لحذيفة (من الباب؟ قال: عمر)﵁.
والحديث سبق في باب المواقيت من الصلاة وفي الزكاة والصوم وعلامات النبوّة.