للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ: صَدَقَ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ الأَعْرَابِىُّ: إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَقَالُوا لِى: عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ، فَفَدَيْتُ ابْنِى مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، فَقَالَ النَّبِىُّ : «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ» لِرَجُلٍ «فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا» فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا.

وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب واسمه هشام قال: (حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم (عن عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله) بن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر (وزيد بن خالد الجهني) أنهما (قالا: جاء أعرابي) واحد الأعراب وهم سكان البوادي (فقال: يا رسول الله اقضِ بيننا بكتاب الله) أي بما تضمنه أو بحكم الله المكتوب على المكلفين (فقام خصمه) هو في الأصل مصدر خصمه يخصمه إذا نازعه وغالبه ثم أطلق على المخاصم وصار اسمًا له فلذا يطلق على المفرد والمذكر وفروعهما ولم يسم الخصم وزاد في رواية وكان أفقه منه (فقال: صدق) يا رسول الله وفي رواية نعم (فاقض بيننا بكتاب الله). قال البيضاوي: إنما تواردا على سؤال الحكم بكتاب الله مع أنهما يعلمان أنه لا يحكم إلا بحكم الله ليفصل بينهما بالحق الصرف لا بالمصالحة والأخذ بالأرفق لأن للحاكم أن يفعل ذلك برضا الخصمين (فقال الأعرابي: إن ابني كان عسيفًا) فعيل بمعنى مفعول كأسير بمعنى مأسور وقيل بمعنى فاعل كعليم بمعنى عالم أي أجيرًا (على) خدمة (هذا) أو على بمعنى عند أي عنده أو بمعنى اللام أي أجيرًا لهذا (فزنى بامرأته) معطوف على كان عسيفًا ولم تسم المرأة (فقالوا لي: على ابنك الرجم) بالرفع ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أن على ابنك الرجم بزيادة ونصب الرجم اسمها (ففديت ابني منه) من الرجم (بمائة من الغنم ووليدة) فعيلة بمعنى مفعولة أمة (ثم سألت أهل العلم فقالوا) لي (إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام، فقال النبي ):

(لأقضين بينكما بكتاب الله) أي بحكم الله وهو أولى من التفسير بما تضمنه القرآن لأن الحكم فيه التغريب والتغريب ليس مذكورًا فيه. نعم يحتمل أن يكون أراد ما كان متلوًّا فيه، ونسخت تلاوته وبقي حكمه وهو: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة نكالاً من الله لكن يبقى التغريب (أما الوليدة والغنم فردّ) أي مردودة (عليك) فأطلق المصدر على المفعول كقوله تعالى: ﴿هذا خلق الله﴾ [لقمان: ١١] أي مخلوقه (وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام). مصدر غرب مضاف إلى ظرفه لأن التقدير أن يجلد مائة وأن يغرب عامًّا وليس هو ظرفًا على ظاهره مقدّرًا بفي لأنه ليس المراد التغريب فيه حتى يقع في جزء منه بل المراد أن يخرج فيلبث عامًا فيقدّر يغرب بيغيب أي يغيب عامًا وهذا يتضمن أن ابنه كان غير محصن واعترف بالزنا فإن إقرار الأب عليه غير مقبول نعم إن كان من باب الفتوى فيكون معناه إن كان ابنك زنى وهو بكر فحده ذلك (وأما

<<  <  ج: ص:  >  >>