والسلام:(لقد هممت أو) قال: (أردت) بالشك من الراوي (أن أرسل إلى أبي بكر) الصديق (وابنه فأعهد) بفتح الهمزة وبالنصب عطفًا على أرسل أي أوصي بالخلافة لأبي بكر كراهية (أن يقول القائلون) الخلافة لنا أو لفلان (أو يتمنى المتمنون) أن تكون الخلافة لهم فأعينه قطعًا للنزاع والأطماع وقد أراد الله أن لا يعهد ليؤجر المسلمون على الاجتهاد (ثم قلت: يأبى الله) إلا أن تكون الخلافة لأبي بكر (ويدفع المؤمنون) خلافة غيره (أو يدفع الله) خلافة غيره (ويأبى المؤمنون) إلاّ خلافته. فالشك من الراوي في التقديم والتأخير، وفي رواية لمسلم: أدعو إلى أبا بكر أكتب كتابًا فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر، وفي رواية للبزار معاذ الله أن يختلف الناس على أبي بكر ففيه إشارة إلى أن المراد الخلافة وهو الذي فهمه البخاري من حديث الباب وترجم به.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: (أخبرنا سفيان) الثوري (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب ﵄ أنه (قال: قيل لعمر) لما أصيب (ألا) بالتخفيف (تستخلف)؟ خليفة بعدك على الناس (قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر) أي حيث استخلفه (وإن أترك) أي الاستخلاف (فقد ترك) التصريح بالتعيين فيه (من هو خير مني رسول الله ﷺ) فأخذ عمر ﵁ وسطًا من الأمرين فلم يترك التعيين بمرة ولا فعله منصوصًا فيه على الشخص المستخلف وجعل الأمر في ذلك شورى بين من قطع لهم بالجنة وأبقى النظر للمسلمين في تعيين من اتفق عليه رأي الجماعة الذين جعلت الشورى فيهم (فأثنوا) أي الحاضرون من الصحابة (عليه) على عمر خيرًا (فقال) عمر (راغب) في حسن رأي فيه (وراهب) بإثبات الواو وسقطت من اليونينية أي راهب من إظهار ما يضمره من كراهيته، أو المعنى راغب فيما عندي وراهب مني، أو المراد الناس راغب في الخلافة وراهب منها فإن وليت الراغب فيها خشيت أن لا يُعان عليها، وإن وليت الراهب منها خشيت أن لا يقوم بها. وقال عياض: هما وصفان لعمر أي راغب فيما عند الله وراهب من عقابه فلا أعول على ثنائكم وذلك يشغلني عن العناية بالاستخلاف عليكم (وددت أني نجوت منها) أي من الخلافة (كفافًا) بفتح الكاف وتخفيف الفاء (لا لى) خيرها (ولا عليّ) شرها (لا أتحملها) أي الخلافة (حيًّا وميتًا) ولأبي ذر ولا ميتًا فلا أعين لها شخصًا بعينه فأتحملها في حال الحياة والممات.