وبه قال:(حدّثنا سعيد بن عفير) هو سعيد بن كثير بن عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء الحافظ أبو عثمان الأنصاري المصري قال: (حدّثني) بالإفراد (الليث) بن سعد الإمام قال: (حدّثني) بالإفراد أيضًا (عبد الرحمن بن خالد) الفهمي أمير مصر (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (وسعيد بن المسيب) بن حزن الإمام أبي محمد المخزومي سيد التابعين (أن أبا هريرة)﵁(قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول):
(والذي نفسي بيده) في تصريف قدرته (لولا أن رجالاً يكرهون أن يتخلفوا بعدي) عن الغزو معي لعجزهم عن آلة السفر من مركوب وغيره (ولا أجد ما أحملهم) عليه (ما تخلفت) عن سرية تغزو في سبيل الله (لوددت) بفتح اللام والواو وكسر الدال المهملة الأولى وسكون الثانية واللام للقسم وفي الجهاد والذي نفسي بيده لوددت (أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا) بضم الهمزة فيهما كاللاحق (ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل) بتكرير ثم ست مرات وختمه بأقتل لأن الغرض الشهادة فجعلها آخرًا والودّ كما قال الراغب: محبة الشيء وتمني حصوله وتمني الفضل والخير لا يستلزم الوقوع، فقد قال ﷺ:"وددت أن موسى ﵇ صبر" فكأنه أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد وتحريض المسلمين، وبهذا يجاب عن استشكال صدور هذا التمني منه ﷺ مع أنه يعلم أنه لا يقتل وأجاب السفاقسي عنه باحتمال أن يكون قبل نزول آية ﴿والله يعصمك من الناس﴾ [المائدة: ٦٧] وتعقب بأن نزولها كان في أوائل قدومه المدينة. والحديث صرح أبو هريرة بأنه سمعه من النبي ﷺ، وإنما قدم أبو هريرة في أوائل سنة سبع من الهجرة، وحكى ابن الملقن أن بعضهم زعم أن قوله: لوددت مدرج من كلام أبي هريرة. قال: وهو بعيد وفيه جواز تمني ما يمتنع في العادة.
ومطابقة الحديث للترجمة مستفادة من التمني في قوله: لوددت. والحديث سبق في الجهاد في باب تمني الشهادة.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي الكلاعي الحافظ قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة)﵁(أن رسول الله ﷺ قال):
(والذي نفسي بيده وددت) بغير لام (أني لأقاتل) بلام التأكيد من باب المفاعلة ولأبي ذر عن الكشميهني أقاتل (في سبيل الله) بإسقاط اللام (فأقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل) بتكرار ثم أربع مرات وزاد غير أبي ذر ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا بتكرارها ثلاثًا كذا في الفرع وفي غيره