وقال الشيخ تقيّ الدين السبكي ﵀: لو إنما لا يدخلها الألف واللام إذا بقيت على الحرفية أما إذا سمي بها فهي من جملة الحروف التي سمعت التسمية بها من حروف الهجاء ومن حروف المعاني ومن شواهده قوله:
وقدمًا أهلكت لوّ كثيرًا … وقبل اليوم عالجها قدار
فأضاف إليها واوًا أخرى وأدغمها وجعلها فاعلاً. قال: ومقصود البخاري ﵀ بالترجمة وأحاديثها أن النطق بلو لا يكره على الإطلاق وإنما يكره في شيء مخصوص يؤخذ ذلك من قوله من اللو فأشار إلى التبعيض ولورودها في الأحاديث الصحيحة، وقيل: إن البخاري أشار بقوله ما يجوز من اللّو إلى أن اللّو في الأصل لا يجوز إلا ما استثنى. وعند النسائي وابن ماجة من طريق محمد بن عجلان عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي ﷺ قال:"المؤمن القويّ خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" وفي كل خير احرص على ما ينفعك ولا تعجز فإن غلبك أمر فقل قدّر الله وما شاء فعل وإياك واللّو فإن اللّو تفتح عمل الشيطان. هذا لفظ ابن ماجة ولفظ النسائي قال: قال رسول الله ﷺ والباقي سواء إلا أنه قال: وما شاء وإياك. وأخرجه النسائي والطبري والطحاوي من طريق عبد الله بن إدريس عن ربيعة بن عثمان فقال عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج، ولفظ النسائي وفي كل خير وفيه احرص على ما ينفعك واستغن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا، ولكن قل قدّر الله وما شاء فعل. قال في الفتح: هذه الطريق أصح طرق هذا الحديث وقوله: فإن اللّو تفتح عمل الشيطان أي تلقي في القلب معارضة القدر فيوسوس به الشيطان، ولا معارضة بين ما ورد من الأحاديث الدالّة على الجواز والدالّة على النهي لأن النهي مخصوص بالجزم بالفعل الذي لم يقع، فالمعنى لا تقل لشيء لم يقع لو أني فعلت كذا لوقع قاضيًا بتحتم ذلك غير مضمر في نفسك شرط مشيئة الله، وما ورد من قول لو محمول على ما إذا كان قائله موقنًا بالشرط المذكور وهو أنه لا يقع شيء إلا بمشيئة الله وإرادته قاله الطبري. وقال غيره: الظاهر أن النهي عن إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه أما من قاله تأسفًا على ما فاته من طاعة الله فلا بأس به.
(وقوله تعالى: ﴿لو أن لي بكم قوة﴾) أي لو قويت بنفسي على دفعكم وجواب لو محذوف تقديره لدفعتكم وحذفه كما قال ابن بطال لأنه يخص بالنفي ضروب المنع، وإنما أراد لوط ﵇ العدّة من الرجال وإلاّ فهو يعلم أن له من الله ركنًا شديدًا ولكنه أجرى الحكم على الظاهر، ولو تدل على امتناع الشيء لامتناع غيره تقول: لو جاءني زيد لأكرهتك معناه أني امتنعت من إكرامك لامتناع مجيء زيد وتكون بمعنى الشرطية نحو: ﴿ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم﴾ [البقرة: ٢٢١] أي وإن أعجبتكم وللتقليل نحو "التمس ولو خاتمًا من حديد". وللعرض نحو: لو تنزل عندنا فتصيب خيرًا وللحض نحو: لو فعلت كذا بمعنى الفعل وبمعنى التمني نحو: فلو أن لنا كرّة أي فليت لنا كرّة، ولهذا نصب فنكون في جوابها كما نصب فأفوز