الوصية بتعلمه، فلذا وصى بفهم معناه وإدراك منطوقه وفحواه. وقال في الفتح: ويحتمل أن يكون السبب أن القرآن قد جمع بين دفتي المصحف ولم تكن السُّنَّة يومئذٍ جمعت فأراد بتعلمها جمعها ليتمكن من تفهمها بخلاف القرآن فإنه مجموع. (ويسألوا الناس عنه ويدعوا الناس) بفتح الدال يتركوهم (إلا من خير) ولأبي ذر عن الكشميهني: ويدعوا الناس. قال في الفتح: بسكون الدال إلى خير.
وبه قال:(حدّثنا عمرو بن عباس) بفتح العين وسكون الميم وعباس بالموحدة الباهلي البصري قال: (حدّثنا عبد الرحمن) بن مهدي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن واصل) هو ابن حيان بتشديد التحتية (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة أنه (قال: جلست إلى شيبة) بفتح الشين المعجمة وسكون التحتية بعدها موحدة ابن عثمان الحجبي (في هذا المسجد) عند باب الكعبة الحرام أو في الكعبة نفسها (قال: جلس إليّ) بتشديد التحتية (عمر) بن الخطاب ﵁(في مجلسك هذا. فقال: هممت) أي قصدت ولأبي ذر عن الكشميهني لقد هممت (أن لا أدع) أي لا أترك (فيها) أي في الكعبة (صفراء ولا بيضاء) ذهبًا ولا فضة (إلا قسمتها بين المسلمين) لمصالحهم قال شيبة: (قلت) لعمر ﵁: (ما أنت بفاعل) ذلك. (قال) عمر: (لم قلت لم يفعله صاحباك) النبي ﷺ ولا أبو بكر ﵁(قال) عمر: (هما المرآن يقتدى بهما) بضم التحتية وفتح الدال المهملة، ولأبي ذر نقتدي بنون مفتوحة بدل التحتية وكسر الدال.
وعند ابن ماجة بسند صحيح عن شقيق قال: بعث معي رجل بدراهم هدية إلى البيت وشيبة جالس إلى كرسي فناولته إياها فقال: ألك هذه؟ قلت: لا ولو كانت لي لم آتك بها. قال: أما لئن قلت ذاك لقد جلس عمر بن الخطاب مجلسك الذي أنت فيه فقال: لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة بين فقراء المسلمين، قلت: ما أنت بفاعل، قال: لأفعلن، قال: ولِم؟ قلت: لأن النبي ﷺ قد رأى مكانه وأبو بكر وهما أحوج منك إلى المال فلم يحركاه فقام كما هو فخرج، ففيه أن عمر ﵁ لما أراد أن يصرف ذلك في مصالح المسلمين، وذكره شيبة بأن النبي ﷺ وأبا بكر لم يتعرضا له لم يسعه خلافهما، ونزل تقرير النبي ﷺ منزلة حكمه باستمرار ما ترك تغييره فوجب عليه الاقتداء به لعموم قوله تعالى: ﴿واتبعوه﴾ [الأعراف: ١٥٨]، وعلم من هذا أنه لا يجوز صرف ذلك في فقراء المسلمين بل يصرفه القيّم في الجهة المنذورة وربما تهدّم البيت أو خلق بعض آلاته فيصرف ذلك فيه ولو صرف في مصالح المسلمين لكان كأنه قد أخرج عن وجهه الذي سبل فيه،