وبه قال:(حدّثنا أبو كريب) بضم الكاف آخره موحدة مصغرًا محمد بن العلاء قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن بريد) بضم الموحدة وفتح الراء عبيد الله (عن) جده (أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء عامر أو الحارث (عن) أبيه (أبي موسى) عبد الله بن قيس ﵁(عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(إنما مثلي ومثل ما) بفتح الميم والمثلثة فيهما أي صفتي العجيبة الشأن وصفة ما (بعثني الله به) إليكم من الأمر العجيب الشأن (كمثل رجل) كصفة رجل (أتى قومًا) بالتنكير للشيوع (فقال) لهم (يا قوم إني رأيت الجيش) المعهود (بعينيّ) بلفظ التثنية (وإني أنا النذير العريان) بالعين المهملة والراء الساكنة بعدها تحتية من التعري وهو مثل سائر يُضرَب لشدة الأمر ودنوّ المحذر وبراءة المحذر عن التهمة، وأصله أن الرجل إذا رأى العدوّ وقد هجم على قومه وكان يخشى لحوقهم عند لحوقه تجرد عن ثوبه وجعله على رأس خشبة وصاح ليأخذوا حذرهم ويستعدوا قبل لحوقهم وقال ابن السكن هو رجل من خثعم حمل عليه يوم ذي الخلصة عوف بن عامر فقطع يده ويد امرأته (فالنجاء) بالهمز والمد والرفع مصححًا عليه في الفرع، وفي غيره بالنصب مفعول مطلق أي الإسراع، والذي في اليونينية الهمز فقط من غير حركة رفع ولا غيره، وفي الرقائق في باب الانتهاء عن المعاصي فالنجاء النجاء مرتين (فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا) بهمزة مفتوحة فدال مهملة ساكنة وبالجيم ساروا أوّل الليل (فانطلقوا على مهلهم) بتحريك الهاء بالفتحة بالسكينة والتأني (فنجوا) من العدوّ (وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم) بالجيم الساكنة والحاء المهملة استأصلهم (فذلك مثل من أطاعني فاتبع) بالفاء ولأبي ذر عن الحموي والمستملي واتبع (ما جئت به ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق).
قال الطيبي: هذا التشبيه من التشبيهات المفرقة شبه ذاته ﷺ بالرجل وما بعثه الله به من إنذار القوم بعذاب الله القريب بإنذار الرجل قومه بالجيش المصبح وشبه من أطاعه من أمته ومن عصاه بمن كذب الرجل في إنذاره وصدقه، وفي قول الرجل: أنا النذير الخ أنواع من التأكيد أحدها قوله بعينيّ لأن الرؤية لا تكون إلا بهما، وثانيها إني وأنا، وثالثها العريان فإنه دلّ على بلوغ النهاية في قرب العدوّ.