ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: فيفتون برأيهم. والحديث سبق في باب كيف يقبض العلم من كتاب العلم، وأخرجه مسلم في القدر والترمذي في العلم وابن ماجة في السُّنّة.
وبه قال:(حدّثنا عبدان) هو عبد الله بن عثمان وعبدان لقبه قال: (أخبرنا أبو حمزة) بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون السكري قال: (سمعت الأعمش) سليمان بن مهران (قال: سألت أبا وائل) شقيق بن سلمة (هل شهدت) وقعة (صفين) التي كانت بين علي ومعاوية (قال: نعم) حضرتها (فسمعت سهل بن حنيف) بضم الحاء وفتح النون (يقول: ح) لتحويل السند إلى آخر.
قال البخاري:(وحدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي الحافظ قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري (عن الأعمش عن أبي وائل) أنه (قال: قال سهل بن حنيف)﵁ يوم صفين وقد كانوا يتهمونه بالتقصير في القتال يومئذ (يا أيها الناس اتهموا رأيكم) في هذا القتال (على دينكم) فإنما تقاتلون إخوانكم في الإسلام باجتهاد اجتهدتموه. وقال في الفتح: أي لا تعملوا في أمر الدين بالرأي المجرد الذي لا يستند إلى أصل من الدين. وقال ابن بطال: وهذا وإن كان يدل على ذم الرأي لكنه مخصوص بما إذا كان معارضًا للنص فكأنه قال: اتهموا الرأي إذا خالف السُّنَّة (لقد رأيتني) أي رأيت نفسي (يوم أبي جندل) بفتح الجيم والدال المهملة بينهما نون ساكنة آخره لام ابن سهيل بن عمرو إذ جاء يوسف في قيوده يوم الحديبية سنة ست عند كتب الصلح على وضع الحرب عشر سنين، ومن أتى من قريش بغير إذن وليه ردّه عليهم (ولو أستطيع أن أردّ أمر رسول الله ﷺ) إذ ردّ أبا جندل إلى قريش لأجل الصلح (لرددته) وقاتلت قريشًا قتالاً لا مزيد له، فكما توقفت يوم الحديبية من أجل أني لا أخالف حكم رسول الله ﷺ كذلك أتوقف اليوم لأجل مصلحة المسلمين، وقد جاء عن عمر نحو قول سهل ولفظه: اتقوا الرأي في دينكم أخرجه البيهقي في المدخل وأخرجه هو والطبراني مطوّلاً بلفظ: اتهموا الرأي على الدين فلقد رأيتني أردّ أمر رسول الله ﷺ برأيي اجتهادًا فوالله ما آلو عن الحق وذلك يوم أبي جندل حتى قال لي رسول الله ﷺ: تراني أرضى وتأبى.
والحاصل كما قال في فتح الباري: إن المصير إلى الرأي إنما يكون عند فقد النص، وإلى هذا يومئ قول إمامنا الشافعي فيما أخرجه البيهقي بسند صحيح إلى أحمد بن حنبل سمعت