أحدها: وهو قول الجمهور المنع لجماع على وجوب المعرفة وبقوله تعالى فاعلم أنه لا إله إلا الله فأمر بالعلم بالوحدانية والتقليد لا يفيد العلم وقد ذم الله تعالى التقليد في الأصول وحث عليه في الفروع فقال في الأصول: ﴿إنّا وجدنا آباءنا على أمة وإنّا على آثارهم مقتدون﴾ [الزخرف: ٢٢] وحث على السؤال في الفروع بقوله تعالى: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ [الأنبياء: ٧].
والثاني: الجواز لإجماع السلف على قبول كلمتي الشهادة من الناطق بهما ولم يقل أحد له هل نظرت أو تبصرت بدليل.
والثالث: يجب التقليد وإن النظر والبحث فيه حرام والقائل بهذا المذهب طائفتان طائفة ينفون النظر ويقولون إذا كان المطلوب في هذا العلم والنظر لا يفضي إليه فالاشتغال به حرام وطائفة يعترفون بالنظر لكن يقولون: ربما أوقع النظر في هذا في الشبه فيكون ذلك سبب الضلال لنهيهم عن علم الكلام والاشتغال به ولا شك أن منعهم منه ليس هو لأنه ممنوع مطلقًا كيف وقد قطع أصحابه بأنه من فروض الكفايات وإنما منعوا منه لمن لا يكون له قدم في مسالك التحقيق فيؤدي إلى الارتياب والشك نحو الكفر وذكر البيهقي في شعب الإيمان هذا قال: وكيف يكون العلم الذي يتوصل به إلى معرفة الله وعلم صفاته ومعرفة رسله والفرق بين النبي الصادق والمتنبي مذمومًا أو مرغوبًا عنه، ولكنهم لإشفاقهم على الضعفة أن لا يبلغوا ما يريدون منه فيضلوا نهوا عن الاشتغال به. ونقل عن الأشعري أن إيمان المقلد لا يصح وأنه يقول بتكفير العوام وأنكره الأستاذ أبو القاسم القشيري وقال: هذا كذب وزور من تلبيسات الكرامية على العوام والظن بجميع عوام المسلمين أنهم مصدقون بالله تعالى. وقال أبو منصور في المقنع: أجمع أصحابنا على أن العوام مؤمنون عارفون بالله تعالى وأنهم حشو الجنة للإخبار والإجماع فيه، لكن منهم من قال: لا بد من نظر عقلي في العقائد وقد حصل لهم منه القدر الكافي فإن فطرهم جبلت على توحيد الصانع وقدمه وحدوث الموجودات وإن عجزوا عن التعبير عنه على اصطلاح المتكلمين فالعلم بالعبارة علم زائد لا يلزمهم وقد كان النبي ﷺ يكتفي من الأعرابي بالتصديق مع العلم بقصورهم عن معرفة النظر بالأدلة.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشدّدة بندار قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين