للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا) ولأبي ذر: إلا واحدة بالتأنيث، وفائدة قوله مائة إلا واحدًا التأكيد والفذلكة لئلا يزاد على ما ورد كقوله: ﴿تلك عشرة كاملة﴾ [البقرة: ١٩٦] ورفع التصحيف فإن تسعة تصحف بسبعة وتسعين بسبعين بالموحدة فيهما. وفي الاستثناء إشارة إلى أن الوتر أفضل من الشفع إن الله وتر يحب الوتر.

فإن قيل: إذا قلنا بأن الاسم عين المسمى على ما هو الصحيح لزم من قوله إن لله تسعة وتسعين اسمًا الحكم بتعدد الإله؟ والجواب: من وجهين أحدهما: أن المراد من الاسم هنا اللفظ ولا خلاف في ورود الاسم بهذا المعنى إنما النزاع في أنه هل يطلق، ويراد به المسمى عينه ولا يلزم من تعدد الأسماء تعدد المسمى، والثاني: أن كل واحد من الألفاظ المطلقة على الله تعالى يدل على ذاته باعتبار صفة حقيقية أو غير حقيقية، وذلك يستدعي التعدد في الاعتبارات والصفات دون الذات ولا استحالة في ذلك، وفيه كما قال الخطابي دليل على أن أشهر أسمائه تعالى الله لإضافة هذه الأسماء إليه وقد روي أنه الاسم الأعظم.

وقال ابن مالك: ولكون الله اسمًا علمًا وليس بصفة قيل في كل اسم من أسمائه تعالى سواه اسم من أسماء الله وهو من قول الطبري على ما رواه النووي إلى الله ينسب كل اسم له فيقال الكريم من أسماء الله ولا يقال من أسماء الكريم الله (من أحصاها) أي حفظها كما فسره به البخاري كما يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى والأكثرون ويؤيده ما سبق في الدعوات لا يحفظها أحد إلا (دخل الجنة) أو المعنى ضبطها حصرًا وتعدادًا وعلمًا وإيمانًا وذكر الجزاء بلفظ الماضي تحقيقًا أو بمعنى الإطاقة أي أطاق القيام بحقها والعمل بمقتضاها وذلك بأن يعتبر معانيها فيطالب نفسه بما تتضمنه من صفات الربوبية وأحكام العبودية فيتخلق بها.

وقال الطيبي: إنما أكد الإعداد دفعًا للتجوّز واحتمال الزيادة والنقصان وقد أرشد الله تعالى بقوله ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه إلى عظم الخطب في الإحصاء بأن لا يتجاوز المسموع والأعداد المذكورة وأن لا يلحد فيها إلى الباطل اهـ.

ثم إن مفهوم الاسم قد يكون نفس الذات والحقيقة، وقد يكون مأخوذًا باعتبار الأجزاء، وقد يكون مأخوذًا باعتبار الصفات والأفعال والسلوب والإضافات ولا خفاء في تكثر أسماء الله تعالى بهذا الاعتبار وامتناع ما يكون باعتبار الجزء لتنزهه تعالى عن التركيب.

فإن قلت: اعتبار السلوب والإضافة يقتضي تكثر أسماء الله تعالى جدًّا فما وجه التخصيص بالتسعة والتسعين على ما نطق به الحديث على أنه قد دل الدعاء المشهور عنه أن لله تسعة أسماء لم يعلمها أحدًا من خلقه واستأثر بها في علم الغيب عنده. وورد في الكتاب والسُّنّة أسامٍ خارجة عن التسعة والتسعين كالكافي والدائم والصادق وذي المعارج وذي الفضل والغالب إلى غير ذلك؟ أجيب: بوجوه منها أن التنصيص على العدد لا لنفي الزيادة بل لغرض آخر كزيادة الفضيلة

<<  <  ج: ص:  >  >>