للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٤٠٥ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِى، فَإِنْ ذَكَرَنِى فِى نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِى نَفْسِى، وَإِنْ ذَكَرَنِى فِى مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِى مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِى يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً».

[الحديث ٧٤٠٥ - طرفاه في: ٧٥٠٥، ٧٥٣٧].

وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (سمعت أبا صالح) ذكوان (عن أبي هريرة ) أنه (قال: قال النبي ):

(يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي) إن ظن أني أعفو عنه وأغفر فله ذلك وإن ظن أني أعاقبه وأؤاخذه فكذلك، وفيه إشارة إلى ترجيح جانب الرجاء على الخوف وقيده بعض أهل التحقيق بالمحتضر، وأما قبل ذلك فأقول ثالثها الاعتدال فينبغي للمرء أن يجتهد بقيام وظائف العبادات موقنًا بأن الله يقبله ويغفر له لأنه وعده بذلك وهو لا يخلف الميعاد، فإن أعتقد أو ظن خلاف ذلك فهو آيس من رحمة الله وهو من الكبائر ومن مات على ذلك وكل إلى ظنه وأما ظن المغفرة مع الإصرار على المعصية فذلك محض الجهل والغرة (وأنا معه) بعلمي (إذا ذكرني) وهي معية خصوصية أي معه بالرحمة والتوفيق والهداية والرعاية والإعانة فهي غير المعية المعلومة من قوله تعالى: ﴿وهو معكم أينما كنتم﴾ [الحديد: ٤] فإن معناها المعية بالعلم والإحاطة (فإن ذكرني) بالتنزيه والتقديس سرًّا (في نفسه ذكرته) بالثواب والرحمة سرًّا (في نفسي وإن ذكرني في ملأ) بفتح الميم واللام مهموز في جماعة جهرًا (ذكرته) بالثواب (في ملأ خير منهم) وهم الملأ الأعلى ولا يلزم منه تفضيل الملائكة على بني آدم لاحتمال أن يكون المراد بالملأ الذين هم خير من ملأ الذاكرين الأنبياء والشهداء فلم ينحصر ذلك في الملائكة، وأيضًا فإن الخيرية إنما حصلت بالذاكر والملأ معًا فالجانب الذي فيه رب العزة خير من الجانب الذي ليس فيه بلا ارتياب، فالخيرية حصلت بالنسبة للمجموع على المجموع وهذا قاله الحافظ ابن حجر مبتكرًا، لكن قال إنه سبقه إلى معناه الكمال بن الزملكاني في الجزء الذي جمعه في الرفيق الأعلى (وإن تقرب إليّ) بتشديد الياء (بشبر) ولأبي ذر عن الكشميهني شبرًا بإسقاط الخافض والنصب أي مقدار شبر (تقربت إليه ذراعًا وإن تقرب إليّ ذرعًا) بكسر الذال المعجمة أي بقدر ذراع (تقربت إليه) ولأبي ذر عن الحموي منه (باعًا) أي بقدر باع وهو طول ذراعي الإنسان وعضديه وعرض صدره (وإن) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ومن (أتاني يمشي أتيته هرولة) إسراعًا يعني من تقرب إليّ بطاعة قليلة جازيته بمنوبة كثيرة، وكلما زاد في الطاعة زدت في ثوابه وإن كان كيفية إتيانه بالطاعة على التأني فإتياني بالثواب له على السرعة والتقرب، والهرولة مجاز على سبيل المشاكلة أو الاستعارة أو قصد إرادة لوازمها وإلاّ فهذه الإطلاقات وأشباهها لا يجوز إطلاقها على الله تعالى إلا على المجاز لاستحالتها عليه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>