وبه قال:(حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير بضم الموحدة وفتح الكاف قال: (حدّثنا الليث بن سعد) الإمام وثبت ابن سعد لأبي ذر (عن خالد بن يزيد) الجمحي (عن سعيد بن أبي هلال) الليثي مولاهم (عن زيد) هو ابن أسلم مولى عمر بن الخطاب (عن عطاء بن يسار) بالتحتية والمهملة المخففة (عن أبي سعيد) سعد بن مالك (الخدري)﵁ أنه (قال: قلنا يا رسول الله: هل نرى ربنا يوم القيامة)؟ قال ﵊:
(هل تضارون) بضم أوّله وتشديد الراء (في رؤية الشمس والقمر) وسقط قوله والقمر لأبي ذر ويروى تضارون بالتخفيف (إذا كانت) أي السماء (صحوًا) أي ذات صحو أي انقشع عنها الغيم (قلنا: لا. قال: فإنكم لا تضارون) لا تخالفون أحدًا ولا تنازعونه (في رؤية ربكم يومئذٍ) يوم القيامة (إلا كما تضارون في رؤيتهما) أي الشمس والقمر، ولأبي ذر: في رؤيتها أي الشمس والتشبيه المذكور هنا إنما هو في الوضوح وزوال الشك لا في المقابلة والجهة وسائر الأمور العادية عند رؤية المحدثات. وقال في المصابيح: هذا من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم وهو من أفضل ضربيه وذلك أنه استثنى من صفة ذم منفية عن الشيء صفة مدح لذلك الشيء بتقدير دخولها فيها أي إلا كما تضارون في رؤية الشمس في حال صحو السماء أي إن كان ذلك ضيرًا فأثبت شيئًا من العيب على تقدير كون رؤية الشمس في وقت الصحو من العيب، وهذا التقدير المفروض محال لأنه من كمال التمكن بن الرؤية دون ضرر يلحق الرائي فهو في المعنى تعليق بالمحال فالتأكيد فيه من جهة أنه كدعوى الشيء ببينة لأنه علق نقيض المدعي وهو إثبات شيء من العيب بالمحال والمعلق بالمحال محال فعدم العيب محقق، ومن جهة أن الأصل في مطلق الاستثناء الاتصال أي كون المستثنى منه بحيث يدخل فيه المستثنى على تقدير السكوت عنه وذلك لما تقرر في موضعه من أن الاستثناء المنقطع مجاز، وإذا كان الأصل في الاستثناء الاتصال فذكر أداته قبل ذكر ما بعدها يوهم إخراج الشيء مما قبله فإذا وليها صفة مدح وتحوّل الاستثناء من الاتصال إلى الانقطاع جاء