ومقتضى الظاهر أن يقال وشقاوته أو سعادته فما وجه ما وقع هنا؟ قلت: ثم مضاف محذوف تقديره وجواب أشقي أم سعيد وجواب هذا اللفظ هو شقي أو هو سعيد، فمضمون هذا الجواب هو الذي يكتب وانتظم الكلام ولله الحمد وهو نظير قولهم علمت أزيد قائم أي جواب هذا الكلام، ولولا ذلك لم يستقم ظاهره لمنافاة الاستفهام لحصول العلم وتحققه.
(ثم ينفخ فيه الروح) بعد تمام صورته (فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة) من الطاعة (حتى لا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي حتى ما (يكون بينها وبينه إلا ذراع) هو مثل يضرب لمعنى المقاربة إلى الدخول (فيسبق عليه الكتاب) الذي كتبه الملك وهو في بطن أمه عقب ذلك (فيعمل بعمل أهل النار) من المعصية (فيدخل النار وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها) فيه أن ظاهر الأعمال من الطاعات والمعاصي أمارات وليست بموجبات فإن مصير الأمور في العاقبة إلى ما سبق به القضاء وجرى به القدر في السابقة.
والحديث سبق في بدء الخلق وغيره والله الموفق والمعين.
وبه قال:(حدّثنا خلاد بن يحيى) الكوفي قال: (حدّثنا عمر بن ذر) بضم العين وذر بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء الهمداني قال: (سمعت أبي) ذر بن عبد الله بن زرارة الهمداني (يحدّث عن سعيد بن جبير) الوالبي مولاهم (عن ابن عباس ﵄ عن النبي ﷺ) أنه (قال) لجبريل:
(يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا. فنزلت) آية ﴿وما نتنزل إلا بأمر ربك﴾) والتنزل على معنيين معنى النزول على مهل ومعنى النزول على الإطلاق والأول أليق هنا يعني أن نزولنا في الأحايين وقتًا غب وقت ليس إلا بأمر الله (﴿له ما بين أيدينا وما خلفنا﴾ [مريم: ٦٤] عزو الآية إلى آخر الآية) أي ما قدّامنا وما خلفنا من الأماكن فلا نملك أن ننتقل من مكان إلى مكان إلا بأمر الله ومشيئته (قال: هذا كان) وفي رواية أبي ذر كان هذا وفي رواية أبي ذر عن الحموي والمستملي فإن هذا كان (الجواب لمحمد ﷺ).