وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا﴾ [الأحزاب: ٧] وهو لبيان الكسب حيث أسند الصدق إليهم والميثاق ونحوه (﴿وإنا له حافظون﴾) ولأبوي الوقت وذر: لحافظون (﴿عندنا﴾) هو أيضًا من قول مجاهد أخرجه الفريابي، وقال مجاهد أيضًا مما وصله الطبري:((والذي جاء بالصدق﴾ [الزمر: ٣٣]) هو (القرآن وصدق به) هو (المؤمن يقول يوم القيامة هذا الذي أعطيتني عملت بما فيه) وهو أيضًا للكسب إذا أضيف التصديق إلى المؤمن لا سيما وأضاف العمل أيضًا إلى نفسه حيث قال: عملت له جهتان فأثبتهما بالآيات وقد اجتمعتا في كثير من الآيات نحو ويمدهم في طغيانهم يعمهون قاله في الكواكب.
قال ابن بطال: غرض البخاري في هذا الباب نسبة الأفعال كلها لله تعالى سواء كانت من المخلوقين خيرًا أو شرًّا فهي له خلق وللعباد كسب ولا ينسب شيء من الخلق لغير الله تعالى فيكون شريكًا وندًّا ومساويًا له في نسبة الفعل إليه، وقد نبّه الله تعالى عباده على ذلك بالآيات المذكورة وغيرها المصرّحة بنفي الأنداد والآلهة المدعوّة معه، فتضمنت الرد على من يزعم أنه يخلق أفعاله، وفيه الرد على الجهمية حيث قالوا لا قدرة للعبد أصلاً، وعلى المعتزلة حيث قالوا لا دخل لقدرة الله فيها إذ المذهب الحق لا جبر ولا قدر، ولكن أمر بين أمرين أي بخلق الله وكسب العبد وهو قول الأشعرية وللعبد قدرة فلا جبر، وبها يفرق بين النازل من المنارة والساقط منها، ولكن لا تأثير لها بل الفعل واقع بقدرة الله وتأثير قدرته فيه بعد تأثير قدرة العبد عليه وهذا هو المسمى بالكسب.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عمرو بن شرحبيل) بفتح العين وشرحبيل بضم المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة وكسر الموحدة وبعد التحتية الساكنة لام منصرفًا وغير منصرف الهمداني أبي ميسرة (عن عبد الله) بن مسعود ﵁ أنه (قال: سألت رسول الله ﷺ أيّ الذنب أعظم عند الله؟ قال)ﷺ:
(أن تجعل لله ندًّا) بكسر النون وتشديد المهملة مثلاً وشريكًا ولأبي ذر والحموي أن تجعل له ندًّا (وهو خلقك. قلت: إن ذلك لعظيم. قلت: ثم أيّ) أي أيّ شيء من الذنوب أعظم بعد الكفر (قال)﵊(ثم أن تقتل ولدك) بفتح الهمزة (تخاف) بالفوقية والمعجمة المفتوحتين (أن يطعم معك) بفتح التحتية والعين (قلت: ثم أيّ) بسكون أيّ مشددة في اليونينية