للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حُكْمُ اللَّهِ لَا رَيْبَ لَا شَكَّ تِلْكَ آيَاتُ يَعْنِى هَذِهِ أَعْلَامُ الْقُرْآنِ وَمِثْلُهُ ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِى الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ [يونس: ٢٢] يَعْنِى بِكُمْ، وَقَالَ أَنَسٌ: بَعَثَ النَّبِىُّ خَالَهُ حَرَامًا إِلَى قَوْمِهِ وَقَالَ: أَتُؤْمِنُونِى أُبَلِّغُ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ.

(باب قول الله تعالى: ﴿يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك﴾) ناداه بأشرف الصفات البشرية وقوله بلغ وهو قد بلغ فأجاب الكشاف بأن المعنى جميع ما أنزل إليك أي أيّ شيء أنزل غير مراقب في تبليغه أحدًا ولا خائف أن ينالك مكروه وقوله ما يحتمل أن تكون بمعنى الذي ولا يجوز أن تكون نكرة موصوفة لأنه مأمور بتبليغ الجميع كما مرَّ والنكرة لا تفي بذلك فإن تقديرها بلغ شيئًا أنزل إليك وفي أنزل ضمير مرفوع يعود على ما قام مقام الفاعل (﴿وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته﴾ [المائدة: ٦٧]) بلفظ الجمع وهي قراءة نافع وابن عامر وأبي بكر أي إن لم تفعل التبليغ فحذف المفعول، ثم إن الجواب لا بدّ وأن يكون مغايرًا للشرط لتحصل الفائدة ومتى اتحدا اختل الكلام فلو قلت إن أتى زيد فقد جاء لم يجز وظاهر قوله تعالى: ﴿وإن لم تفعل فما بلغت﴾ اتحاد الشرط والجزاء فإن المعنى يؤول ظاهرًا وإن لم تفعل لم تفعل. وأجاب الناس عن ذلك بأجوبة، فقيل: هو أمر تبليغ الرسالة في المستقبل أي بلغ ما أنزل إليك من ربك في المستقبل وإن لم تفعل أي وإن لم تبلّع الرسالة في المستقبل فكأنك لم تبلّع الرسالة أصلاً أو بلغ ما أنزل إليك من ربك الآن ولا تنتظر به كثرة الشوكة والعدة فإن لم تبلغ كنت كمن لم يبلغ أصلاً أو بلغ غير خائف أحدًا فإن لم تبلغ على هذا الوصف فكأنك لم تبلغ الرسالة أصلاً ثم قال مشجعًا له في التبليغ: ﴿والله يعصمك من الناس﴾ [المائدة: ٦٧] وقال البدر الدماميني في مصابيحه وجه التغاير بين الشرط والجزاء أن الجزاء مما أقيم فيه السبب مقام المسبب إذ عدم التبليغ سبب لتوجيه العتب وهذا السبب في الحقيقة هو الجزاء، فالتغاير حاصل لكن نكتة العدول إلى ذكر السبب إجلال النبي وترفيع محله عن أن يواجه بعتب أو بشيء مما يتأثر منه ولو على سبيل الفرص فتأمله اهـ.

(وقال الزهري) محمد بن مسلم (من الله ﷿ الرسالة وعلى رسول الله ) وللأصيلي وعلى رسوله ( البلاغ وعلينا التسليم) فلا بدّ في الرسالة من ثلاثة أمور: المرسل والرسول والمرسل إليه ولكلٍّ منهم شأن، فللمرسل الإرسال وللرسول التبليغ وللمرسل إليه القبول والتسليم وهذا وقع في قصة أخرجها الحميدي في النوادر ومن طريقه الخطيب (وقال: ﴿ليعلم﴾) ولأبي ذر وقال الله تعالى ليعلم أي الله تعالى (﴿أن قد أبلغوا﴾) أي الرسل (﴿رسالات ربهم﴾) كاملة بلا زيادة ولا نقصان إلى المرسل إليهم أي ليعلم الله ذلك موجودًا حال وجوده كما كان يعلم ذلك قبل وجوده أنه يوجده وقيل ليعلم محمد أن الرسل قبله قد بلغوا الرسالة. وقال القرطبي: فيه حذف يتعلق به الكلام أي اخترنا لحفظنا الوحي ليعلم أن الرسل قبله كانوا على حالته من التبليغ بالحق والصدق وقيل ليعلم إبليس أن الرسل قد أبلغوا رسالات ربهم سليمة من تخليطه واستراق أصحابه (وقال تعالى: ﴿أبلغكم رسالات ربي﴾ [الأعراف: ٦٢]) أي ما أوحي إليّ في الأوقات

<<  <  ج: ص:  >  >>