(باب قول الله تعالى: ﴿إن الإنسان خلق هلوعًا﴾ ضجورًا كذا ثبت في هامش اليونينية بالحمرة من غير رقم مع إثباته بعد قوله هلوعًا وعن ابن عباس يفسره ما بعده (﴿إذا مسّه الشر جزوعًا وإذا مسه الخير منوعًا﴾ [المعارج: ١٩] هلوعًا). قال أبو عبيدة (ضجورًا) وقال غيره الهلع سرعة الجزع عند مسّ المكروه وسرعة المنع عند مسّ الخير وسأل محمد بن عبد الله بن طاهر ثعلبًا عن الهلع فقال: قد فسّره الله ولا يكون تفسير أبين من تفسيره، وهو الذي إذا ناله شر أظهر شدة الجزع إذا ناله خير بخل به ومنعه الناس وهذا طبعه وهو مأمور بمخالفة طبعه وموافقة شرعه.
وبه قال:(حدّثنا أبو النعمان) محمد بن تغلب بفتح الفوقية وسكون الغين المعجمة وكسر اللام العبد قال: (حدّثنا جرير بن حازم) الأزدي (عن الحسن) البصر أنه قال (حدّثنا عمرو بن تغلب) بفتح العين وسكون الميم وتغلب بفتح الفوقية وسكون المعجمة وكسر اللام بعدها موحدة النمري بفتح النون والميم مخففًا (قال: أتى النبي ﷺ مال فأعطى قومًا ومنع آخرين فبلغه أنهم عتبوا) عليه (فقال)﵊:
(إني أعطي الرجل وأدع الرجل) أي أترك إعطاءه (والذي أدع) أترك (أحبّ إليّ) بتشديد الياء (من الذي أعطي. أعطي قومًا لما في قلوبهم من الجزع والهلع) وهذا موضع الترجمة (وكل أقوامًا إلى ما جعل الله)﷿(في قلوبهم من الغنى والخير) بكسر الغين والقصر من غير همز ضد الفقر، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من الغناء بفتح الغين والهمزة والمد من الكفاية (منهم عمرو بن تغلب فقال عمرو: وما أحب أن لي بكلمة رسول الله ﷺ) التي قالها (حمر النعم) بفتح النون.
قال ابن بطال: مراد البخاري في هذا الباب إثبات خلق الله للإنسان بأخلاقه من الهلع والصبر والمنع والإعطاء، وفيه أن المنع قد لا يكون مذمومًا ويكون أفضل للممنوع لقوله: وأكِل أقوامًا وهذه المنزلة التي شهد لهم بها ﷺ أفضل من العطاء الذي هو عرض الدنيا، ولذا اغتبط به عمرو ﵁.
والحديث سبق في الخمس في باب ما كان النبي ﷺ يعطي المؤلفة قلوبهم.